باب سد الذرائع

TT

لا خلاف على أن يكون التشريع من كتاب الله ومن السنة النبوية ومن السلف الصالح، لكن الذي يخيف حين تتحول عادات ومورثات اجتماعية معينة الى مقدسات وتعامل على هذا الأساس فتصبح أحد عناصر التشريع حتى لو تعارضت مع روح الاسلام. وتبنى هذه الحجج على حماية الدين وتنقيته وطبعا باب سد الذرائع.

هناك خطوط واضحة تفصل ما بين السلف وأحكامه وآرائه وما بين الأعراف أيا كانت. والتمعن في كلمات الله عز وجل في كتابه الكريم مليئة بالأمثلة التي تتطلب التمعن والتأمل في معانيها التي تظهر رفض الأقوام للحكمة والقول الحسن تمسكا بمعاني ومفاهيم ليست بالضرورة صحيحة.

بمرور الزمن وبزيادة العلم والمعرفة قد يعلم الابناء من الحقائق ما لم يكن الآباء والأجداد على اطلاع عليه "يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني". والانسان بطبيعته عدو لما يجهل، فالغالب أن يتعلق الآباء بعقائدهم البالية "بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه". فان ثبت لنا بالتروي والتفكير أن آباءنا جانبوا الصواب فعلينا أن نختار الصواب "أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم".

غير أن هناك من الناس من للتقاليد البالية على عقله وقلبه سلطان مبين أشبه بالسحر، ويأبى قبول أية بدعة مستحدثة لمجرد أنها لا تتفق مع هذه التقاليد "ما هذا الا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين". وقد كان هذا هو موقف قوم النبي منه "قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا"، وكلما ناداهم الى رؤية جديدة "قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا"، وقالوا عنه "ما هذا الا رجل يريد أن يصدكم عما يعبد آباؤكم"، "انا وجدنا آباءنا علـى أمـة وانـا عـلى آثارهم مقتـدون". وهذا موقف منهم لا يقوم على عقل "أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم" فهم قوم يأبون تحكيم المنطق والفكر "لهم قلوب لا يفقهون بها"، "وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم ولعلهم يتفكرون"، وليكن الشعار دائما "وقل رب زدني علما".

فان خرج أناس برأي آخر تداول معهم بالمنطق والحجة "قـل هـل عندكم من علم فتخرجوه لنا"، أما الجدال من دون علم ومنطق فمرفوض "وان كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم".

اننا اليوم بحاجة ماسة لاعادة النظر في بعض مسلماتنا، وهي في واقع الأمر أفكار جاهلية لا علاقة لها بالدين أبدا، بحاجة لاعادة التأهيل الكامل لمؤسساتنا الدينية حتى تعكس التيارات الفكرية المختلفة في بلادنا دون نعت أحد بالكفر والبدعة وخلاف ذلك من الحجج غير المقبولة، وحتى الأعراف بات واجبا أن تنقى لتكون من روح الدين الحقة.