سويا...

TT

الجشع هو الدافع الرئيسي الذي غالبا ما يكون خلف فرص الكسب الخيالية التي تعد المشتركين في تفاصيل صفقاتها بالعوائد الهائلة وهي غالبا ما يطلق عليها «العمليات الهرمية» نظرا لاعتمادها على بناء قاعدة من الممولين بصورة راسية كالهرم، وتنتشر هذه الحالات عادة في المجتمعات الاقتصادية للدول النامية التي تشهد طفرة مالية ما.

واليوم تشهد السعودية حركة غير طبيعية واقبالا محموما على بطاقات الهاتف التي تحمل اسما تجاريا بمعنى (مع بعضّ!). اقبال غير عاد يحدث تجمعات أشبه بالتظاهر في بعض المواقع التجارية في ساعات الليل. ويتسارع عدد غير بسيط من الناس لشراء تلك البطاقات التي تعدهم بعائد يبلغ كامل رأس المال خلال ستة أسابيع. تبدو حملة الوعود والاغراء بهمسة «اشتري البطاقة بـ86 ريالا وابيعها بـ96 ريالا أعطني أي مبلغ وأشتري لك به بطاقات وابيعها بربح هائل» وبلغت الاثارة ذروتها بمشاهد موظفين بسطاء وهم يستدينون خمسة أضعاف راتبهم من أماكن عملهم لشراء تلك البطاقات ومشاهد أخرى تظهر أكياسا مليئة بالنقود محروسة بالسلاح لاتمام عمليات شراء البطاقات هذه، ويحتدم الاقبال الهائل على البطاقات هذه خلال موسم العمرة (أشهر رجب وشعبان ورمضان) وشهر الحج نظرا للاقبال الهائل من زوار الخارج.

ويبدو من الواضح أن هناك خللا رقابيا ما الذي سمح بهذا النوع من السوق السوداء والوعود المروجة للبطاقات هذه بهذا الاسلوب الخيالي، فكثير من تلك الصفقات تعقد في العلن أمام المحال التجارية وعلى الطرقات الرئيسية العامة.

تقنين منافذ البيع وآليات الشراء واضح أنه بحاجة ماسة لمراجعة جادة كاملة وسريعة لأن عدد الافراد المتداولين لتلك البطاقات واحجام المبالغ المعنية بات بالحجم المرعب الهائل الذي سيضر أفرادا كثيرين من اصحاب المداخيل المتواضعة. قد يتم تداول مقولة إن القانون لا يحمي المغفلين وهذا صحيح ولكن بفرضية أن هناك قانونا دقيقا أصلا وموجودا في حالات كهذه.

عدم التعامل بوضوح وصرامة من قبل السلطات التنفيذية المعنية مع الحالات المالية الهرمية هذه سيفتح شهية الآخرين لمشاريع أخرى شبيهة وبالتالي توقع مزيدا من الضحايا وتهدر مزيدا من الأموال.

يراقب الكثيرون ما يحدث في سوق البطاقات التلفونية بدهشة وسخرية جراء الاقبال الغريب هذا، ولكن تبقى أسئلتهم واستفساراتهم عن طبيعة هذه العمليات ومن ورائها ولماذا تترك من دون رقابة جادة جميعها تبقى بحاجة لاجابات واجراءات حاسمة وفورية.

هناك مسؤولية مفقودة بحاجة لتثبيتها أمام ما يحدث. وكل الأمل أن يتم ذلك في أقرب فرصة وذلك لأجل التقليل من الضرر والخسارة وحماية مصالح الضعفاء.