كيف تتعامل مع الخاطفين؟

TT

لعل هذا هو أهم الأسئلة الملحة على الإطلاق في وجه ظاهرة الخطف الجديدة ـ القديمة. فالعالم يشهد تجارة إرهابية مربحة ودامية في الوقت نفسه، يمارسها على الأغلب ـ مع الأسف الشديد ـ أناس يرفعون شعارات الإسلام. فمن باكستان إلى أفغانستان، وقبلها لبنان ثم الشيشان، شهدنا مناظر وممارسات يشيب لها الولدان. وقد كانت كلها عمليات اختطاف وحشية وجبانة. لكني أظن أن الأكثر وحشية وجبنا بينها جميعا، هي تلك التي جرت في مدرسة بيسلان جنوب روسيا. فبغض النظر عن أية خلفيات أو أسباب، وبعيدا عن أية دوافع أو مسببات، فإن هناك أناسا ربما فاقوا العشرين شخصا، ذهبوا لاختطاف أطفال في مدرستهم. وبغض النظر عن ظنهم في كيفية نهايتهم، فهم صوبوا البنادق للعزل والأطفال، وهم لا يعرفون ما ستنتهي إليه الأمور. وكانت المذبحة. وكان العار الذي يندى له جبين من له ذرة من الإنسانية.

وظهرت في العراق فئة جديدة من الخاطفين، هي فئة خاطفي النساء. فهؤلاء اختطفوا إيطاليتين تعملان في المجالات الإنسانية لمساعدة العراقيين العزل والأطفال والمعوزين. وكانت «العروبة والشهامة»، بل وقيم العشائر العراقية والمجتمع العربي عموما، ترى في اختطاف النساء جبنا، ومهانة «لفحولتنا» العربية وشجاعتنا العنترية. ولكن الخاطفين الجدد هؤلاء، من صنف جديد، ظهر في عصر ما سمي بالجهاد والصحوة الدينية. وابتدعوا بدعا جديدة، وفنونا دموية لم تعهدها البشرية، بجز الرقاب عبر وسيلة الإنترنت التقنية التي صنعها عدوهم «الكافر».

ربما يدعي المدعون، أن هذا العمل جزء من ثقافة «الفرهود»، ومفاهيم السرائر والسبايا من النساء في الحروب، وما ملكت أيمانكم. ولكن حتى الفرهود له قيم وحدود. وعصر الإماء والسبايا قد ولى منذ زمان وعهود.

قال قائل من الحضور: أعتقد بأن السبيل الوحيد لقطع دابر هؤلاء، هو الحزم والشدة وعدم التعامل أو التفاوض مع مثل هؤلاء الخاطفين بأي شكل من الأشكال، أو بأية صيغة من الصيغ. لا بل أرى أن يستصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يحرم أي شكل من التفاوض مع الخاطفين، مهما كانوا ومهما كانت مطالبهم. وبذا نعلمهم سلفا أن لا حاجة للخطف، فلن يجنوا من ورائه شيئا. رد ثان بأن هذا اقتراح عملي ما لم تكن أنت الضحية، ولكن لضحايا الخطف وأقربائهم رأي آخر: «اللي يده بالنار، غير من كانت يده بالماء».

قال آخر: نمنع عنهم الإعلام والفضائيات، ونحاورهم سرا. ولكن، ماذا عن حرية الإعلام؟ وماذا لو كانت مطالب الخاطفين الظهور في الإعلام كشرط أولي لبدء التفاوض، أو فإنهم سيجزون الرقاب؟ ومن يضمن أن «فضائيات الملثمين» سترضى بهذا الشرط؟ فأخبار الملثمين والخاطفين سبق وتجارة لها، مثلما هو عنترية وربح للخاطفين!!

لقد جاءت دعوة السعودية، عبر كلمة نائب وزير خارجيتها في الأمم المتحدة، بعقد مؤتمر دولي حول الإرهاب في فبراير المقبل، في محلها. بل لقد طال انتظارها. فالعالم اليوم، مطالب بإلحاح بالتفاهم حول تعريف الإرهاب. وما إذا كان هذا الإرهاب يشمل الدول، وهدم البيوت، وبناء الجدر العازلة، واستهداف المدنيين بالطائرات. لقد سئم العالم فرض مفاهيم محددة للإرهاب. وعين واحدة تقرر ما هو إرهابي وما هو مشروع للدفاع عن النفس. الدعوة السعودية، قد تكون إيذانا بتفاهم دولي جديد وضروري. وتجاهل مثل هذا التفاهم، سيكون مبررا لإرهابيي الخطف للاستمرار في جرائمهم تحت ذريعة «الجهاد» والحروب المقدسة.