تحسين الصورة

TT

تشهد العاصمة السعودية مؤتمرا بعنوان «صورة المملكة العربية السعودية في العالم» ويناقش محاور مختلفة في مجالات متعددة عن طريق متحدثين من السعودية بشكل رئيسي وبعض الضيوف المدعوين من دول أخرى.

ويأتي هذا المؤتمر ضمن مشاريع اكاديمية وإعلامية واقتصادية مختلفة قامت السعودية باطلاقها في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وذلك للرد على الحملات الإعلامية والأكاديمية المختلفة التي انطلقت في الغرب عموما وفي الولايات المتحدة تحديدا ضدها.

ويبدو من أطراف المؤتمر ان الغاية منه هي تفنيد الادعاءات والاتهامات الموجهة ضد السعودية. ويبدو أن في العالم العربي عموما حالة من الاهتمام الهائل بما تردده وسائل الإعلام العالمية عن بلدانه (سواء أكان ذلك بالذم أم بالمدح).

فليس بغريب أن تجد في صدر الصفحات الاولى وفي طليعة نشرات الاخبار آراء برامج تلفزيونية عالمية أو صحف عالمية في بلد ما أو شخصية ما. وعليه هناك خطورة نحو الانجراف لمعرفة رأي الآخر من أجل أن تكون الصورة «سليمة» في نظره فقط.

وعليه فان إصلاح الصورة في الخارج لا بد أن يبدأ بإصلاحها في الداخل. فترمومتر الاصلاح هو الداخل وتطور النظم والتشريعات المختلفة التي تصب في صميم المصلحة العليا بعدالة ومساواة ودقة وفعالية.

وانطلاقا من مبدأ أن هناك نقدا بناء من الممكن الاستفادة منه، كان الأجدر أن توجه الدعوة لشريحة أعرض من الاشخاص الذين لديهم مواقف محددة، ومحاورتهم والاستفادة من ذلك، بدلا من دعوة أسماء على الأغلب لن تتطرق الى مواضيع محورية تثير الانتقادات والحملات على السعودية.

فكرة المؤتمر بحد ذاتها جيدة وتوقيتها سليم ولكن «مقادير» المؤتمر غير موفقة والمحاور المختارة لا تتوازن وتتطابق مع الاسماء والدعوة. فالمحاور أكبر بكثير والاسماء الموجودة لن تغطي كافة وجهات النظر مهما تباينت أو تباعدت.

هناك حاجة ماسة لزيادة جرعة الجرأة والثقة في لقاءات كهذه، فهي أولا وأخير تحسب لصالح السعودية بقبولها وعقدها للقاءات كهذه.

تحسين صورة السعودية في العالم هدف مهم وحيوي ويجب أن يجمع عليه الكل، وأدوات ذلك كثيرة ومختلفة ولكن أقواها وأبقاها هو الذي يعتمد على مكاشفة ومصارحة وثقة وشفافية كاملة تؤدي الى ابراز وجه جديد للسعودية للعالم كله.

وجه آن أوانه أن يظهر ليزيل شبهات التطرف والغلو والجهل التي ارتسمت لدى الغرب عنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وهذا لن يتأتى سوى بمواجهة الحقيقة واظهار العيوب على السطح والتعامل معها بقبول النقد المسؤول المحترم، والتعامل معه باحسان ظن ورقي. وقتها لن تكون فقط النتيجة تحسين صورة ولكن الأهم: تحسين واقع وهذا هو الأهم وهذا هو المطلوب.