أطروحات انفصال كردستان العراق

TT

الذين يطالبون في شمال العراق بانفصال كردستان عن العراق، ربما لا يدركون خطورة مثل هذه الدعوات على الشعب الكردي، وربما لا يدركون حساسية الظروف الدولية والاقليمية.

انفصال كردستان عن العراق في الظروف الراهنة هو عودة الى نقطة الصفر لكل المكتسبات الكبيرة التي حصل عليها الاكراد والتي جعلت مناطقهم هي الاكثر أمنا والاكثر ارتفاعا لمستوى المعيشة في العراق. وهو تضحية مجانية بكل المكتسبات التي حصل عليها الاكراد والتي كان احد اسباب حصولها هو التفكير الناضج والعقلاني للقيادات والاحزاب الكردية العراقية طيلة السنوات الماضية.

من حق الاكراد ان يحلموا بوطن واحد، ولكن من السذاجة وسوء التقدير، الحديث عن انفصال كردستان العراق عن بقية الدولة العراقية في ظروف مثل هذه الظروف التي يعيشها العراق.

الذين يطالبون بالانفصال عليهم ان يقرأوا جيدا موازين القوى الاقليمية، وضع العراق في هذه المرحلة، والوضع الايراني والتركي وان يستخدموا عقولهم بشكل افضل وان يدركوا اهمية معرفة الفرق بين النظرية والتطبيق وبين الحلم والواقع.

يستطيع الاكراد تحسين اوضاعهم بمطالب معقولة وعادلة مثل عودة آلاف العائلات الكردية التي تم تهجيرها بالقوة ايام النظام السابق، وبمطالبة الحكومة بالالتفات الى الاوضاع التنموية في كردستان العراق وبتحسين الاوضاع الحالية في المدن الرئيسية، لكن المطالبة بالانفصال ستكون نتائجها عكسية وليست في مصلحة الشعب الكردي، واوضاع الاقليم الحالية لن تسمح بدولة كردية مستقلة، والعاقل من اتعظ بدروس الماضي وتعامل بواقعية مع حقائق الحياة بدلا من القفز في المجهول وخلق حالة من التوتر والتحفز سيكون الشعب الكردي اكبر الخاسرين فيها.

ان عراقا مستقرا وديمقراطيا هو افضل ما يمكن ان يحصل عليه اكراد العراق اليوم، وان المطالبة بالانفصال دون الالتفات ذات اليمين وذات الشمال ومعرفة حساسية مثل هذا الطرح سيكون كارثة على اكراد العراق بل وعلى العراق كله بكل طوائفه واقوامه. والامر المطمئن هو ان القيادات الكردية الرئيسية تعرف خطورة طرح الفكرة الانفصالية حق المعرفة.