ولو كنت عراقياً او سورياً او مصرياً من تنتخب؟

TT

اخترت امس واليوم ان ابحث كيفية مطالعتنا لما يحدث في واشنطن. فانتخاب رئيس الجمهورية هناك فيه تقرير لمصائر موجودة في العالم. وفي منطقتنا تحديدا، يوجد معسكر كبير يعتقد ان هزيمة بوش في الانتخابات ستؤرخ لحقبة علاقات افضل مع الولايات المتحدة، وربما هو على حق وتحديدا معسكر الدول المعرضة لظروف او ضغوط استثنائية. فالفريق الأول هو العراقي. ومهما ظهر في الاعلام العربي من شكوى باسم العراقيين، فان معظمهم كانوا سعداء بما فعله بوش. فالاضطهاد والظلمة اللذان كانوا يعيشون فيهما يستحقان المعركة التي وقعت. لكن استمرار بوش قد يعيق في نظر بعضهم، فرصة التصالح الضرورية مع فئات عراقية غاضبة او شعوب ناقمة مثل بعض الأوروبيين. وبالتالي، فإن تولي كيري الحكم يجعله جسرا يفرِج من حالة الضغط المتزايدة، والتضحية ببوش تعني إنقاذ مشروعه العراقي.

اما بالنسبة للسوريين، فانهم يتمنون سقوط بوش بإلحاح يفوق دعوات بقية العرب، متطلعين لإنهاء حالة التحريض السياسي الداخلي وإنهاء الضغط الخارجي. سورية، إن فاز بوش برئاسة ثانية، ستكون هدفه المقبل، هذا ما يرجحه كثيرون. فالجمهوريون سيجدون في استهداف دمشق مدخلا لحلول اقليمية كثيرة تنسجم مع مشروعهم السياسي الكبير للمنطقة. اما كيري فلو كسب الانتخابات، فانه لن يصالح سورية هو الآخر بسبب اختلافات حقيقية مرتبطة بأمن قواته في العراق التي لن يسحبها أيضا في السنوات الأربع المقبلة، لكنه في الوقت نفسه لن يدخل في مغامرات عسكرية جديدة غير مضطر لها.

المصريون دائما في حال يفضلون معها التجديد. فكل رئيس جديد يمنحهم اهتماما أكثر من أجل حل قضاياه الإقليمية. هذه الوساطة الثمينة لن تفيد رئيسا عتيقا كبوش، خاصة مع تعمق كراهيته لعرفات، ونهاية أزمته مع القذافي، ودخوله مع الخرطوم مباشرة، ونفور القاهرة من التورط في بغداد. حتى الشارع المصري المهيج إعلاميا ضد بوش يريد بإلحاح يفوق إصرار كيري نفسه على خروج بوش مما يخفف الاحتقان تجاه الولايات المتحدة.

والشعور المصري ملائم للحالة للنفسية الاوروبية أيضا. فهزيمة بوش ستسهل على من يريد التصالح مع الحكومة الاميركية ان يفعل دون حرج او سكب ماء الوجه. وهذا التمني يناسب حلفاء واشنطن السابقين قبيل غزو بغداد، كالفرنسيين والألمان الذين يريدون التصالح مع واشنطن، فهم في حاجة للتعاون معها في العراق والحرب على الإرهاب، لا الاستمرار في مناكفتها. الأوروبيون في حاجة للتصالح لكن ليس سهلا عليهم الانقلاب على مواقفهم السابقة بوجود بوش الذي وضعهم في زاوية شعبية صعبة.

[email protected]