العالم في السجن

TT

إذا كان نيوتن قد اكتشف قانون الجاذبية، وهو في الحديقة، فان ابن الهيثم اكتشف قوانين الضوء وهو في السجن!

وقد كان الحسن بن الهيثم، الذي عاش منذ الف عام، رجلا يحترم نفسه وعلمه.. وقد بدأ حياته كاتب حسابات بإمارة البصرة.. وكان عى علم بالهندسة، فكان يقوم بعمل تصاميم المنازل للاهالي.. فطلب منه أمير البصرة ان يصمم له قصرا، وأن يشارك في بنائه فرفض، فاضطهده الامير، وذات ليل حمل كتبه وهرب الى بغداد والتحق بالعمل في بيت الحكمة ينسخ الكتب اليونانية المترجمة الى العربية، وذلك مقابل أجر بسيط، اما في الليل فكان يتفرغ لقراءاته وابحاثه العلمية.. وعلم أمير البصرة بمكانه فأرسل من يقتله.. وفر ابن الهيثم الى الشام وكانت تتبع الخلافة الفاطمية في مصر.. وأكرمه والي الشام.. ثم استقدمه الحاكم بأمر الله لبناء سد عال حدد مكانه.. ولكن ابن الهيثم قرر ان المكان لا يصلح.. وللمرة الثانية يتعرض للاضطهاد.. فادعى الجنون ليتجنب عقاب الطاغية.. ولكن الحاكم بأمر الله وضعه في السجن.. وجلس وحيدا بعيدا عن كتبه وأبحاثه.. وقام الحارسان اللذان يقفان بالباب بإحداث ثقب بالباب لمراقبة ابن الهيثم خوفا من هربه.. وكان هذا الثقب هو بداية اكتشافات ابن الهيثم في طبيعة الضوء.. ووضعه أساس فكرة الكاميرا، واكتشف ووضع ستة قوانين لمسار الضوء.. وزوايا الانعطاف فسبق بذلك كيلر وفرانسيس بيكون وديكارت.. وهو اول من تحدث عن سرعة الضوء قبل العلماء الاوروبيين بمئات الاعوام.. وعلى نظرياته قامت كل النظريات والابحاث على الضوء، وهي النظريات التي غيرت وجه العلم والعالم.

وأكتب هذه القصة المدرسية لانني اشعر بالحسرة لما نحن فيه من تخلف علمي مخيف.. أين امثال هؤلاء الرواد الذين فعلا مهدوا للتقدم الذي يعيش فيه العالم الغربي.. اننا ندفع ثمن تخلف استمر ألف عام، وأخشى أن يستمر ألفا آخر.