مخيم.. وفكر

TT

المخيمات الصيفية التي تقام للشباب تعرضت لحملة من النقد بشكل غير مسبوق مما أثار دهشة واستغراب وصدمة القائمين عليها. فما كان من بعضهم سوى الرد بأن هذه هي جزء من حملة منظمة ضد الدين و... و... و.... ولكن بنظرة هادئة وموضوعية لتجربة المخيمات والفائدة المنعكسة من نتاج ذلك بصورة عامة نرى أن هناك فجوة واضحة وعلامات استفهام كبيرة.

بعض هذه المخيمات تحول الى مسرح كبير للترويج لصالح شخصيات معينة وبات تبادل الالقاب والتنافس عليها وعلى شعبية الحضور هدفا بحد ذاته. وبعض تلك المحاضرات تتناول مواضيع ذات مغزى اخلاقي مهم ولكن هناك أيضا محاضرات عن الدفن والتكفين! نعم عن الدفن والتكفين! يا ترى ما الفائدة المرجوة من محاضرات كهذه هل ستساهم في تحسين الترابط الاسري؟ هل ستساعد الشباب على الالتزام في تعليمهم والجد في عملهم؟ هل ستساهم في رفع الانتاجية وتحسين الأداء أم أنها ستكون بمثابة وسيلة مساعدة لفكر التكفير والجهاد الخاطيء؟ لماذا لم يتبن أي مخيم فكرة تحث على ممارسة أصغر درجات الايمان وهي إماطة الاذى عن الطريق وذلك باقامة جهد شبابي جماعي لتنظيف شوارع عامة أو حدائق عامة أو مدارس أو مبان عامة أخرى؟ أوليس ذلك تطبيقا لفكرة العمل الجماعي والتطوعي وليس فقط التنظير به؟ أوليس ذلك يحث على مشاركة الشباب في هموم وشجون مجتمعاتهم فعليا بدلا من عزلهم عنها واعتبار أن المجتمع جاهل وجاهلي وبالتالي يجب هدايته بعد تكفيره طبعا.

مشاركة الشباب في أفكار تفاعلية ببشاشة واحسان ظن مع مجتمعاتهم متطوعين وعاملين وعلى محياهم ابتسامة جميلة، بدلا من شباب عابس غاضب ورافض، هو الذي سيساهم في اعادة روح الدين الى حياتنا بعد أن سلبت منا بالافكار المضللة والمكفرة والمفرقة.

ومخيمات الشباب التي انطلقت بنوايا حسنة وأهداف نبيلة ومقاصد جميلة بات بعضها مرتعا للفكر الاناني والضيق الذي يريد ابراز رأي وفكر واحد فقط وبات ايضا مسلكا انعزاليا يرغب في طريق بعيد عن عالمه ومجتمعه وهذا لا بد أن يكون نتاجه جهلا وتطرفا وغلوا وارهابا ودمارا.

أمر بديهي وطبيعي. كما مرت الجمعيات الخيرية بمرحلة من الغربلة والفرز لا بد أن يتم ذلك مع مخيمات الشباب فلا تزال الولاية عليها غير محسومة ولا تزال أموال مجهولة تتدفق منها وعليها، ولا تزال رسائل حادة تروج بها. ونحن اليوم نعيش فترة مراجعة كاملة وشاملة يجب أن تطال أوجها مختلفة في حياتنا من ضمنها المخيمات هذه.