لا بأس من خناقة مع ابنتك! (1)

TT

حملة انتقادات توجهها الدراسات النفسية للأمهات، فاذا كانت الأم شديدة الاهتمام بأولادها وصفتها هذه الدراسات بالشراسة وحب الامتلاك والاسراف في فرض الحماية، وان كان اهتمام الأم بأبنائها محسوبا اعتبرها الخبراء النفسيون باردة الاحساس وعاجزة عن تنشئة ابناء قادرين على الاندماج في المجتمع. وفي بعض الأحيان تتهم الأم بالغيرة من بناتها الشابات كصورة مكررة من ذاتها التي كانت يوما اكثر شبابا وجمالا وموضع اعجاب ورغبة.

واذا كان حظ الأم مع خبراء النفس قليلا، فان حظ المراهقة معهم اقل. فالدراسات تتحدث عن الاضطرابات النفسية والصراعات الداخلية التي تداهم المراهقة كقدر محتوم، كما تتحدث عن العداء والتمرد كمرادفات للمراهقة، ومن ثم فان احتكاك الأم مع ابنة مراهقة لا بد ان ينتج عند اصطدام من نوع او آخر.

تحمل تيري ابتر مؤلفة الكتاب «أمهات وبنات مراهقات» كافة المؤهلات التي تجعلها مؤهلة لكتابة مثل هذا الكتاب، فهي أم لابنة مراهقة، اضافة الى انها مرت بطور المراهقة وأمها الى جانبها، وفضلا من ذلك فهي قارئة للدراسات النفسية. وعلى هذه الخلفية قال بعض النقاد ان هذا الكتاب يقدم دراسة متعمقة ورؤية جديدة في البحث تنفي فيها علميا، ان العلاقة بين الأم والبنت هي علاقة مريرة تتخفى في زي المحبة.

اختارت المؤلفة في دراستها 65 حالة لأمهات وبنات في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا، وتوزعت الحالات على عدد من الخلفيات الانسانية من حيث العمر والثقافة والجنس، وأجرت المؤلفة مع المشتركات لقاءات ثنائية وفردية انصتت خلالها بدقة حتى عندما جاءت الأحاديث مخالفة لتوقعاتها.

كانت نقطة البدء في الدراسة هي افتراض اساسي بأن المرهقة هي محاولة انفصال يقوم بها المراهق للاستقلال عن الأم، ولذلك رغبت المؤلفة في ان تتحدث البنات عن ذلك الاحتياج الملح للحرية والاستقلال. لكن على غير المتوقع وجدت المؤلفة البنات يتحدثن بإسهاب عن الأمهات، ومن تلك الأحاديث استنتجت المؤلفة ان شجار الأم وابنتها مؤشر ارتباط لا انفصال، وان شجارهما قد يختلط بالغضب والاحباط ولكن الهدف لا يكون الانفصال، بل طلب الاندماج ورغبة في اعماق المراهقة في ان تراها الأم كما هي وان تحبها كما هي بعيوبها ونقائصها.