صيد الثعالب والعملة الخليجية

TT

لم أفهم لماذا حشر رئيس الوزراء البريطاني نفسه وحزبه في قضية نائمة عندما قرر منع هواية صيد الثعالب التي تمارس منذ قرون. ثور الشارع الريفي ضده بلا سبب مخالفا القاعدة السياسية بأن يدع الخلق للخالق، وبسبب ذلك ادخل نفسه في ورطة جديدة مع فئة اخرى من مواطنيه الذين هم ضد قواته في العراق. اصبح في الحالتين، تحريم الصيد ومساندة الحرب، لا يستطيع التراجع ولا التقدم أيضا. وهذا ما دفع كثيرين للتساؤل مستغربين لماذا يمنع صيد الثعالب ولا يوجد هناك الا قلة تشتكي منه؟

وهذا الأمر يماثل حديثنا الممل عن الوعود المتكررة بتوحيد العملة الخليجية. يتنادى بعض الكتاب متحسرين لماذا لا توجد حتى الآن عملة موحدة بين دول مجلس التعاون الست؟ لكن السؤال الصحيح من يهمه ان توحد العملة او لا توحد؟ من هو ذلك الذي لا ينام الليل مهموما بسبب وجود ست عملات؟

انها مسألة فنية نقدية ولا تبدل كثيرا في السوق، على اعتبار ان جميع العملات الست تحتسب بالدولار وتسند بالنفط، وبالتالي لو وحدت لن تكون سوى شكلا من اشكال الفلكلور الاتحادي او التعاوني في مشروع المجلس الذي وعدنا بأنه سيقيم سوقا مشتركة في عام 2007. والسوق المشتركة لمجلس التعاون ومثله سوق الجامعة العربية مثل سباق السلاحف لم يحدث ولن يحدث الا بعد ان يصبح العالم كله سوقا واحدة. فالعالم انخرط تدريجيا في تبادلات سوق التجارة العالمية الحرة والتبادلات الثنائية المنفتحة جدا، كما فعلت اخيرا البحرين مع الولايات المتحدة، وهذا سيجعل اي سوق مشتركة في منطقتنا تحصيل حاصل وستأتي متخلفة في وقتها وقوانينها.

ان الوعود التي لم، او لن تغير، كثيرا على الساحة ولا تهم الناس مقارنة بما يهمهم مباشرة تعتبر نشاطا سياسيا عبثيا كما حرم بلير مواطنيه صيد الثعالب وهم الذين لم يعتدوا على ثعالب الغير ولم يطلبوا من الحكومة معونة على اصطيادها.

تنهدات العديد من الكتاب حول ما يعتبرونه اخفاقا واضحا لمجلس التعاون، لماذا؟ لان الست عملات من دراهم وريالات ودنانير لم تصهر في عملة واحدة لكل الدول. لكن لا احد قال لنا ما اهمية هذه الخطوة خاصة ان التجارة البينية ضعيفة جدا بين الدول الاعضاء ولا تستحق هذا الحكم القاسي او ايهام الناس بحياة رغيدة من وراء عملة الدول الخليجية الموحدة. والحجة الوحيدة التي تبدو منطقية في استعجال توحيد العملة هي انها توحي باستعجال الوحدة بين دول المجلس. مجرد ايحاء لا أكثر.

التوحد يبدو اكثر صدقا عندما تختفي الجوازات عند الحدود وفي المطارات، ويفتح باب التوظيف لكل ابناء الدول المنخرطة، ويسمح للشركات بالتجارة والعمل بنفس الحقوق. اما العملة والعلم والمجالس الشعبية فهي مسائل دعائية لا تخفي حقيقة انها دول مستقلة اداريا ولا يضيرهم ان تبقى كذلك.

[email protected]