صناعة؟ وماذا عن الخدمات

TT

ركزت السعودية في السنوات التي مضت في خططها الاقتصادية التنموية على الجانب الصناعي بشكل أساسي، فأقامت مدينتين صناعيتين هائلتين هما الجبيل وينبع، وكذلك أقامت العديد من المناطق الصناعية المتخصصة في مدن مختلفة.

وكان الإقبال كبيرا من قبل المستثمرين ورجال الأعمال على المشاريع الصناعية بشتى أشكالها: الثقيلة والمتوسطة والخفيفة وحتى التحويلية منها. وقد ساعد على هذا الإقبال توفير التمويل المطلوب عبر صندوق التنمية الصناعي في البلاد والذي كان يقرض بشروط ميسرة وبسرعة الى حد كبير.

ولكن بمراجعة بسيطة وهادئة للتجربة الصناعية في البلاد يظهر أن الكثير من المشاريع الصناعية التي هي بدون قيمة مضافة (كأيد عاملة منخفضة التكلفة، أو مواد أولية استثنائية) معظم هذه المشاريع ستكون مهددة في حال انضمام السعودية لمنظمة التجارة الدولية والتي سيترتب عليها إزالة العديد من الحمايات والدعائم التي استحدثت لحماية الصناعات الوطنية الناشئة.

ومع هذا التحول الكبير المتوقع بات من الضروري الاهتمام الأكبر بالخدمات وهو القطاع الاقتصادي الأكثر نموا والأكثر عوائد في العالم. ولا توجد للآن استراتيجية وطنية لتفعيل وتطوير قطاع الخدمات في البلاد، على الرغم من وجود حالات من التطور والتألق والاحتياج في قطاعات مختلفة كالتعليم والصحة والتدريب والاتصالات على سبيل المثال، إضافة طبعا الى قطاع آخذ في التشكل وبالتالي التنامي وهو قطاع السياحة.

ولو تم التمعن في آخر أسباب الإثارة في سوق المال السعودي ستكون الإجابة دوما أنها جراء طرح أسهم شركات خدمية كالاتصالات السعودية أو اتحاد الاتصالات. حتى ما يترقب طرحه من أسهم كبنك البلاد والتعاونية للتأمين والبنك الأهلي جميعها تتبع قطاع الخدمات.

ولكن هناك فجوة واضحة ما بين طموحات بعض القطاعات وما بين بعض الدوائر المعنية بالجانب الاقتصادي. وتحديدا المقصود بالإعلان والندوات التوضيحية التي صدرت من لدن الهيئة العام للاستثمار لم تشر الى سياستها في تنمية الاستثمارات الأجنبية في قطاع السياحة (وهو القطاع الذي دوما ما يذكر بأن لديه خططا طموحة لتوظيف الآلاف من السعوديين).

وإذا كان الهدف من جميع الخطط الاقتصادية الموضوعة من جميع الجهات هو إتاحة أكبر قدر من الفرص الوظيفية للسعوديين والسعوديات فكان من الضروري أن تدرج السياحة من ضمن أهداف الهيئة العامة للاستثمار. فهناك العديد من الشركات الأجنبية الراغبة في الاستثمار والدخول للسوق السعودي في مجال السياحة تحديدا.

قطاع الخدمات بحاجة لاهتمام مركز أكثر ولو جاء على حساب القطاع الصناعي، فالسعوديون سوف تكون لهم فرصة التميز والتفوق النوعي فيها أكثر من المجال الصناعي. وكل الأمل أن يتم ذلك عبر خطة مدروسة فيها تنسيق ما بين الجهات المعنية.