تاريخ العراق.. المكرر

TT

يبدو ان التاريخ سيكرر نفسه في العراق، ولكن بطريقة عكسية. فلدينا اليوم موقفان متناقضان، أولهما موقف المرجعيات الشيعية من الانتخابات المقبلة وموقفهم الايجابي مع الحكومة المؤقتة، يقابله موقف سلبي ضد المشاركة في الانتخابات وبعضه داعم للعنف تمثله مراجع سنية كثيرة.

وصل الحال في المرجعيات الشيعية الى درجة الاندفاع تجاه الانتخابات بحماسة شديدة، فالشيخ اليعقوبي يربط بين الفروض الدينية للمسلم وبين ممارسة الانتخاب، والسيد السيستاني يستخدم لغة صارمة تصل الى درجة القول على لسان احد مساعديه بأن من لا يشارك في الانتخابات «سيدخل جهنم».

ووصل الحال في عدد من المرجعيات السنية الى درجة الاندفاع ضد الانتخابات ووصف الحكومة العراقية المؤقتة بالعمالة، بل ان بعض القيادات السنية متورطة مع جماعات العنف السياسي.

لو عدنا الى الوراء، وتحديدا بعد تشكيل حكومة العشرينات في العراق، كان هناك موقف سلبي واضح من التعاون مع الحكومة لدى قادة الشيعة ووصل الى درجة حرمان قطاع واسع من الشيعة من المشاركة في الحياة السياسية العراقية ودفع شيعة العراق ثمنا سياسيا كبيرا لذلك الموقف السلبي.

أما الآن فان الصورة تبدو معاكسة، فالقادة الدينيون السنة يرفضون دخول الحياة السياسية ويعيدون ما كرره القادة الشيعة في الأربعينات، وهو ما يمكن ان يؤدي الى حالة جديدة من الاصطفاف السياسي، وربما يؤدي الى الإخلال بالتوازن السياسي والاجتماعي المطلوب. وصحيح ان القاعدة الشعبية للزعامات السنية الدينية ضعيفة، ولكن موقف مناطق سنية كاملة من الانتخابات قد يؤدي الى مقاطعة هذه الانتخابات قناعة او خوفا من البطش. وفي الحالتين فان الخاسر الأكبر هو العراق الذي يجب ان يمثل بكل ألوان طيفه السياسي والاجتماعي.

بعض رجال الدين السنة في ما يسمى بالمثلث السني يتصرفون دون شعور لتلك المناطق عبر تشجيع العنف، لكن الأمل ما زال قائما في صحوة متأخرة لهؤلاء للتفكير من جديد بمستقبل أهلهم ووطنهم.