حاجة بوش ليعرف كلمة اسمها المراجعة

TT

إذا كانت هناك رسالة عاجلة من هذه الانتخابات فانها تكون موجهة للرئيس بوش، مع إشارة تقول إنه كان بوسع تحول المواقف في ما يتراوح بين 20 الى 30 منطقة انتخابية في ولاية واحدة أن يغير النتيجة. ولا بد ان يكون ذلك الحدث فكرة واقعية بالنسبة لمرشح أدار حملته وسط المزايا الهائلة لرئيس حالي لزمن الحرب.

وتشير النتائج الى ان بوش لم يجتذب الكثير من الأصوات الجديدة من الوسط السياسي، وأن سجله الاقتصادي لم يجعل الناخبين يشعرون بالارتياح من تمديد ولايته.

من هنا يجب على بوش الآن ان يعالج الاقتصاد كما كان على كيري أن يعالج حرب العراق، وهو وضع صعب وقابل لأن يصبح أكثر تدهورا بسرعة كبيرة، اذا لم يمارس الرئيس زعامة واضحة وسريعة.

وكما أن كيري فكر في تضمين جمهوريين مؤثرين في فرق عمله في مجالي الأمن القومي والسياسة الخارجية ليؤكد الأعباء المشتركة بشأن العراق، وليحمي ظهره من الهجمات الحزبية الحادة ، بينما يسعى الى تغيير مغامر، يتعين على بوش أن يشرك ديمقراطيين بارزين في مكافحة العجز المالي المتزايد. وبعودة الأغلبية الجمهورية الى مجلسي الشيوخ والنواب ، لن يكون أمام بوش عذر اذا لم يعالج حمام الدم المالي الذي يخشاه كثيرون امام انظاره. وللمرة الاولى خلال عقد من الزمن يشير الأخصائيون الى ان المستوى الذي تنمو فيه الانتاجية الاقتصادية كل عام لم يشهد زيادة في الشهور الأخيرة من عام 2004.

فقد أبقى النمو غير المسبوق في انتاجية قطاع التكنولوجيا أسعار الفائدة ومعدلات التضخم منخفضة، ومكن البيت الأبيض والكونغرس من معاملة خفض الضرائب، والانفاق على الضمانات الاجتماعية باعتبارها برنامجا لأشياء مجانية للناخبين.

او برغم اختلاف الظروف، فربما يميل جوش بولتون، المدير المقتدر لمكتب الادارة والميزانية، لأخذ صفحة من دفتر ملاحظات رونالد ريغان وديفيد ستوكمان. فبعد انتخابات عام 1980 رفعت سقوف الميزانية قبل ان تحدد أسماء أعضاء الحكومة الجديدة، ومنحوا فرصة للجدال بان وزاراتهم كلها تحتاج الى مزيد من الأموال.

ومهما كانت الآلية، فبوش بحاجة الى توجيه رسالة قوية تفيد بأنه ينظر الى السنوات الأربع المقبلة على نحو مختلف. ويصدق ذلك على مجال السياسة الخارجية أيضا وخصوصا بشأن العراق. فقد رفض بوش بعناد أن يعترف خلال الحملة الانتخابية بالخطأ، وقبل ذلك اجاز الانقسامات الداخلية والمعارك والتشوش الذي اعاق جهد الحرب. ولا حاجة الى سنوات أربع جديدة من هذه المواقف.

ويعتبر وزير الخارجية كولن باول ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد رمزين لهذه الانقسامات. فكل واحد منهما قد يكون معارضا لمنح الآخر «انتصارا» عبر الرحيل أولا. وتعود عوامل ذلك الى الخصومة بينهما.

ويقول أحد اصدقاء باول «اخبرني كم من الوقت سيبقى رامسفيلد، وأضف ليوم رحيله يوما واحدا لتجد أن باول قد خرج». ولرامسفيلد ايضا مبررات لقضاء سنة اخرى أو أقل في منصبه، لالغاء أي انطباع عن أنه غادر وهو يجرجر أذيال الفشل.

ولكن يتعين على بوش أن يتفادى موقف المسايرة في مثل هذه التعيينات الهامة. ويجب اعادة تعيين باول ورامسفيلد في الحال لولاية كاملة، أو أن يصبحا جزءا من تحول شامل في الحكومة بحلول يوم التنصيب. ويتعين على بوش ان يبدأ الآن بطريقة في غاية الوضوح، التشاور مع كبار الديمقراطيين بمن فيهم كيري، ومع نقاد الحرب داخل حزبه، مثل عضوي مجلس الشيوخ تشوك هاغل وريتشارد لوغار، ومع الزعماء الأجانب الذين قلصوا دعمهم وحيويتهم تجاه سياسات بوش. والى ذلك يجب على إعادة الانتخاب أن تمنحه الثقة وكذلك الفرصة للقيام بتلك المهام. وهكذا يجب ان تكون حقيقة رؤيته لزعماء اسلاميين معتدلين يأخذون على عاتقهم عبء مكافحة الشبكات الارهابية الاسلامية رؤية سليمة في عمومها، حتى اذا كان تطبيقها قد واجه تصدعات، أخيرا وبأقل التقديرات، فنتائج الثلاثاء الماضي منحت الشعب فرصة لمعرفة نهاية قصة مسعى جورج بوش لتنفيذ مشروعه لاعادة صياغة الشرق الأوسط .

خدمة مجموعة كتاب «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط».