للمستقبل صورة: يمكن أن نختلف .. ولكن كيف؟ (1 ـ 2)

TT

هل يمكن أن نختلف في الرأي حول قضية ما؟ وإذا اختلفنا... هل يمكن لنا أن نحصر خلافنا في إطار من الاحترام المتبادل؟ هل نقدر على أن لا نحول اختلافنا في الرأي إلى خصومة؟ أي: هل نستطيع أن نحتمل خلافنا من دون أن يؤثر في علاقاتنا؟ بمعنى... هل يمكن أن نختلف في الرأي ومع ذلك نظل أصدقاء؟

أسئلة كثيرة كهذه وغيرها ظلت لفترة تدور في مخيلتي وتستوقفني وتسيطر على تفكيري وتزيد من حيرتي، خصوصا بعد أن بدا غياب معاني أدب الاختلاف ظاهراً على الساحة الفكرية.

أظنني لست وحيداً في هذه الحيرة، فهناك ـ ربما ـ البعض ممن هم أكثر مني حيرة وأشد تأثراً لاختفاء النبل والترفع في الحوار; وما يدل على ذلك غياب بعض الأقلام النظيفة والضمائر النقية عن الساحة الفكرية; فأصحاب تلك الأقلام والضمائر يؤثرون الانسحاب من الساحة عندما تكون مليئة بالمتطفلين والمطففين وأصحاب الأهواء والمسجونين داخل رغباتهم; لأن أصحاب تلك الأقلام النظيفة والضمائر النقية يعتزون بفكرهم ويحرصون على أن لا يدحض بتعسف; وينقطعون عن المشاركة به في الميادين والساحات المكتظة بالمقتنصين وأصحاب النيات السيئة التزاماً من ذلك النفر المتحضر بأن يظل فكرهم سامياً ومترفعاً عن أن يناله سوء تقدير من غيرهم رغم إلحاح عدد من محبيهم عليهم لنشر ما يكتبون لحرصهم على قراءته، ومتابعته.

وإن صدق القول بأن ثمة فئة من بعض المفكرين والمثقفين أحجمت عن نشر ما تكتب أو قول ما تعتقد فلأنها ربما خشيت العنت من أن تحمل بعض أفكارها اختلافاً في الرأي مع غيرها، وما قد يجره ذلك عليها ـ ان حدث ـ من تفسيرات واستفسارات وتخريجات تقود الى تأويلات عند بعض المتربصين من اصحاب النفوس المريضة!! دون أن يكون لتلك التفسيرات والتخريجات أي صلة بالحقيقة أو الواقع.

أقول ان كان ثمة من يحجم عن التعبير عما يعتلج بداخله من أفكار وآراء مشفقاً على ذاته من المهاترات والسفسطائية وترفعاً عن الانزلاق في متاهات العبث والغوغائية فلن تجد من يلومه إن فعل.

لذا قد يكون من الأجدى أن ينصرف همنا الى معالجة الاختلاف وآدابه ليكون بداية لحديث عن افساح المجال واسعاً أمام الرأي والرأي الآخر وما يحكم ذلك من ضوابط، ويرتكز عليه من ثوابت، ويصدر عنه من أسس ومنطلقات، مؤملين في أن تكون المعالجة التي نهدف اليها اضافة نوعية لما سبق نشره من آخرين من قبل في ذات المجال، واستكمالاً له، فيكون كل ذلك نبراساً لأي حوار مبصر، وسداً مانعاً لأي خروج عن أطره الصحيحة، وسياجاً واقياً من أي انحرافات عن نهجه السليم، وبذا يكون باعثاً للمتحاورين كي يقولوا للناس حُسنى.

ولكن رب قائل يقول ان ما نشر على الناس من قواعد آداب الحوار، وما يعرفونه عن مبادئ أدب الاختلاف من قبل كاف وقد تألفت كتب فيه لمن أراد ان يستفيد. وهذا قول صحيح الى حد ما; ومع ذلك فهناك في اعتقادنا ما زال متسع لزيادة ممكنة، ومجال لإضافة محتملة.

لذا... أرجو أن يأذن لي القارئ الكريم في اعادة طرح القضية من جديد بمعالجة قد تبدو مختلفة بعض الشيء عما سبق أن اطلع عليه من قبل... أو هكذا أتمنى، واضيف تمنيا آخر وهو ان يجد القارئ بعض الفائدة في اعادة طرح الموضوع ومن ثم لا يشعر أنه قد أضاع وقته في قراءة ما كتبته.

للاختلاف تعريف.. وللخلاف معنى بداية، ننطلق من تعريف للخلاف نظن أنه جامع مانع، ذكره الإمام الجرجاني في قوله: «الخلاف هو منازعة تجري من المتعارضين لتحقيق حق أو ابطال باطل». وصنف الفقهاء الخلاف الى ثلاثة اصناف: خلاف مذموم، وخلاف ممدوح، وخلاف مستساغ.

وأدرك الناس منذ أن خلق الله الكون أن التباين في أمور الدنيا والدين والاختلاف في شؤون المعاملات والعيش المشترك هما حقيقة من الحقائق القائمة والمعروفة، وعادة ما يأخذ ذلك التباين والاختلاف صيغاً متعددة وأنواعاً شتى وألواناً عدة، ولا يقتصران على قضايا الناس المعيشية، مثل الملبس والمأكل والمشرب والذوق، وغيرها مما يصعب حصره.. بل يشملان ايضاً الأنساب والأعراق والأجناس واللغات والطباع والأشكال والمعارف والعلوم والأفكار.. الخ.

لقد خلق الله البشر على الفطرة وجعلهم سواسية كأسنان المشط في الكرامة الإنسانية، وميزهم عن باقي مخلوقاته بالعقل; فالإنسان العاقل السوي هو القادر على العيش بسلوكيات متزنة ومشاعر منضبطة. كما أن الخالق جلّت قدرته ارسل الأنبياء والرسل ليهدوا البشر الى طريق الله ويرشدوهم الى سواء السبيل، فيدخل الناس في دين الله افواجاً، ويبقى العصاة خارج مسيرة الحق والعدل والخير والجمال. أرسل الله الأنبياء والرسل ومعهم القيم الخيرة والمبادئ الصالحة والطرق المستقيمة والوسائل الهادية والسبل المستنيرة; وجعل أنبياءه ورسله نماذج لمن يدعونهم وقدوة لمن يرشدونهم. وكانت حكمة الله أن أرسل كل رسول بلغة قومه الذين بعثه فيهم ليقيم الحجة عليهم بأن التعاليم السماوية جاءت بلغتهم، والهدى أنزل بلسانهم ولا عذر البتة في ان لا يفهم الناس الرسالة وأن لا يستوعب القوم الهدى فيؤمنوا ويهتدوا.

ومع وضوح الرسالات السماوية فإن مسيرة الحياة تطوف بالبشر في شتى مناحيها وزواياها وأركانها وهم ما بين اتفاق واختلاف; وتلك وأيم الله نتيجة طبيعية للتعامل في ما بين الناس عندما يتعرضون لمواقف وقضايا ينشأ عنها وبها ومعها تباين في الآراء واختلاف في وجهات النظر، إما لأسباب ظاهرة معلومة وإما لأسباب مخفية مجهولة. ومن أهم أسباب التباين بين الناس تنوع مداركهم واختلاف أفهامهم وتباعد نظراتهم تجاه قضايا مشتركة بينهم تعترض مسيرتهم، فتنشأ عن هذا الاختلاف أفكار وآراء ومواقف من تلك القضايا قد تكون متطابقة أحياناً أو متباينة، بل حتى متضاربة أحياناً أخرى. والاختلاف نوعان:

ـ اختلاف تنوع.

ـ واختلاف تضاد.

أمّا اختلاف التنوّع، فهو اتفاق على الجوهر واختلاف في الجزئيات، كأن نتفق على أن الجمال قيمة مطلقة ورائعة، ولكنّا نختلف في طرق التعبير عنه ووصفه. وكأن نحب الورود، ولكنّا نختلف في تفضيلنا لألوانها، فمنّا من يعشق لون الورد الأبيض ومنّا من يحب لونه الأحمر وهكذا.

إن اختلاف التنوّع هذا يكون مقبولاً، بل مطلوباً أحياناً، كي تسير الحياة بالتنوّع في الرأي بسلاسة ويسر، لأنها ربما تتعثر بدونه، كما أن هذا التنوّع يمتاز بأن لا تتمخض عنه أزمات في الفكر أو العيش المشترك، أي لا ضير البتّة من اختلاف التنوّع.

وأمّا اختلاف التضاد، فهو بأصنافه الثلاثة: المذموم، الممدوح، والمستساغ، التي سبقت الإشارة إليها، اختلاف في الجوهر وفي التفصيلات أيضا، وهو يعني رأيا ضد رأي، وهذا النوع من الاختلاف هو ما يدور حوله ومعه الحديث.

ولأن الأصل في اختلاف التضاد أنه يكشف عن آراء متباينة تجاه قضية معينة تكون مدار بحث وتحاور ونقاش، نتيجة لغياب النظرة المشتركة والتوجهات المتطابقة من قبل المتحاورين، فإنه يكون أشد مراساً في التناول وأفسح مجالاً للحوار وتبادل الرأي.

الغاية من الحوار .. وضوابطه نحسب أن كل الاختلافات في دنيا الناس لها أهميتها في منظومة الحياة وصيرورتها، ولا نظن أنها تشكل مأزقاً لأحد، إذ بها ومنها ولها فوائد مرجوة في تحقيق أهداف الخالق جلّت قدرته في ما خلق، فالحق تبارك وتعالى يقول: «ولو شاء ربّك لجعل الناس أمّة واحدة ولا يزالون مختلفين. إلاّ من رحم ربّك ولذلك خلقهم..» الآية، صدق اللّه العظيم. وقد فسّر الإمام الرّازي قول اللّه تعالى: «ولا يزالون مختلفين»، بأن المراد اختلاف الناس في الأديان والأخلاق والأفعال.

إن الذي يعنينا هو الاختلاف في الرأي، حيث ينحصر القول في ما نعرضه هنا في تباين الرأي بين المتحاورين ومقدرتهم على احترام الرأي الآخر. فالتعامل مع الرأي الآخر باحترام ومودة، ومعالجة الخلاف بأساليب حضارية هو من القضايا الأساسية، التي يجب الالتزام بها وتشجيعها والحث عليها. وهنا تبرز أسئلة أربعة يكون من المفيد أن نُجيب عنها، لتكون مدخلاً لأي قول في موضوع أدب الخلاف. وهذه الأسئلة هي:

ـ ما الغاية من الحوار؟

ـ وما هي الضوابط التي تحكمه؟

ـ وكيف يكون الاختلاف؟

ـ وما هي الثوابت التي يجب الالتزام بها عند التحاور؟

لنبدأ بالإجابة عن السؤال الأول، عن الغاية من الحوار:

إن من أولى أولويات أي حوار أو نقاش، أن تتحدد لجميع المتحاورين سلفاً الغاية منه، لكي يسهل لهم الالتزام بها والوصول إليها وتحقيقها، ولأن تحديد الغاية يجعل طريق الحوار أكثر إشراقاً ومضاء ويسراً مما يساعد على تضييق الفجوة وتجسير الاختلاف بين المتحاورين. إن غاية أي حوار يجب أن تكون البحث عن الحقيقية.. والحقيقة فقط، ولا تخرج هذه الغاية، أو يجب ألا تخرج، عن إحقاق حق أو إبطال باطل، على حد قول الإمام الجرجاني، فالحق حقيقة كما أن الباطل حقيقة.

لذا، غدا لزاماً على المتحاورين أن يُجدّوا في البحث عن الحق ليُحقّوه أو عن الباطل ليُبطلوه، وأن تتضافر جهودهم للوصول إلى الغاية بكل موضوعية وسماحة وفروسية ونبل متمسكين بالصدق في أقوالهم وملتصقين بالموضوعية في حواراتهم.

أما في الإجابة عن التساؤل: ما هي الضوابط التي تحكم اختلاف الرأي؟ فيبدو لنا أن نشوء الاختلاف يمكن أن يرجع ـ كما سبق القول ـ لأسباب متعددة يصعب حصرها لأنها تعتمد أساساً على قضية النقاش وأبعادها ومفاهيمها، ومهما كانت مسببات التباين في الرأي فإن الضوابط التي تحكم هذا التباين قادرة على تنقيته وصولا للحقيقة، وفي ذلك لا بد أن يلتزم المتحاورون بتلك الضوابط التي يمكن ان نلمح الى سبعة منها من أبرزها:

1 - تحديد قضية الحوار وتعريفها ووضوح معانيها وضبط مصطلحاتها:

إذ من المفترض سلفاً استيعاب المتحاورين للمعاني، التي ترتكز عليها قضية الحوار، ولا يتم ذلك من دون تعريف دقيق للقضية مدار الحوار وضبط مصطلحاتها، فالمتحاورون لن يلتقوا على سواء إذا هم لم يستوعبوا المعاني التي تستند إليها قضيتهم وإذا هم لم يدركوا المفاهيم التي يتحاورون حولها.

ولعل من المسلّمات القول بأنك لن تستطيع المشاركة في أي نقاش حول أي موضوع إذا لم تكن مدركاً للمعاني والمفاهيم التي تقوم عليها قضية النقاش، ففاقد الشيء لا يعطيه، والحوار يصبح عبثياً وأشبه بحوار الطرشان، مثل حوار أصمّين التقيا على الطريق، فسأل أحدهما الآخر: هل أنت ذاهب إلى مكة؟ فأجابه الثاني: لا، بل أنا ذاهب إلى مكة. وللقارئ أن يتبصّر في ذلك.

2 ـ معرفة المتحاورين لكل المعلومات المتوفرة عن قضية الحوار:

فمن البديهيات أن غياب المعلومة الصحيحة في أي أمر مهما كان صغيراً أم كبيراً، يكون مدعاة لعدم دقة في الفهم وسوء في العرض ومن ثم ينبثق منه خلط في المفاهيم. وإذا كان ذلك صحيحاً في الأمور عامة، فما بالك إن غابت معلومة أو مجموعة معلومات عن قضية يتبارى فيها متحاورون للوصول إلى إثبات وجهة نظر وتغليب رأي على آخر؟ لا نشك في ان القارئ يتفق معنا في الرأي بأن توفر المعلومات الكاملة عن قضية ـ هي مدار بحث وتحاور ونقاش ـ يعتبر من الركائز التي يعتمد عليها للوصول الى الحقيقة التي يسعى المتناظرون اليها، وبدون ذلك تنسلخ القضية من الموضوعية ويتحول الحوار الى مهاترات وينصرف معها وقت المتحاورين في ما لا طائل منه.

الالتزام بثوابت العقيدة 3 ـ عدم الخروج على ثوابت عقيدة الأمة وقيمها:

لما كان من الملزم قولا وفعلا ان يتقيد المتحاورون بهذه الثوابت، ولا يسمح اي منهم لنفسه بأن يخرج عنها او يتمرد عليها مهما كانت المبررات والحجج لتعزيز رأيه او تأكيد وجهة نظره، فإن على المتحاورين ان يدركوا تماما ان التعرض لثوابت امتهم بالتشكيك، او المساس بقيمها بالاعتراض يلغي الحوار قبل ان يبدأ ويهدم اركانه قبل ان يقوم.

فالقارئ المسلم السوي لن يقبل على متابعة حوار يخرج عن سياج العقيدة ولا يرتاح له عند قراءته، وكذا المستمع السوي لن يطمئن لسماع أي مناقشة تتعرض بالتشكيك لما عرف من الدين بالضرورة، وبذا يفقد المتحاورون القارئ او المستمع المتابع المهتم الذي يحرص كل منهم على اقناعه بصواب رأيه وقوة حجته.

قد يقول قائل ان حرية الفكر التي تنادي بها يجب ان تمكن المتحاور من ان يقول او يكتب ما يشاء، ونقول له نعم ولكن.. المتحاور المسلم مطالب بأن يلتزم بحدود ما شرّع الله من ثوابت لدينه حتى لا يستفز الناس ولا يثير مشاعرهم ضده، لانهم لن يتقبلوا منه اي تجاوز لتلك الحدود، فحريته في التعبير عندهم تنتهي وتتلاشى وتزول مع تلك الحدود، فالامر لم يعد حرية تعبير بل التزام عقيدة وقضية ايمان، والاولى بالمخالف لثوابت العقيدة ان يحتفظ بفكره لنفسه ولا ينشره بين الناس، لأن في ذلك خيراً عليه وخيراً للناس.

نعم.. نحن امة تنزل عقيدتها الحرية منزلة عظيمة في تراثها وقيمها وتعاليمها، وتقدر وتحترم الرأي والرأي الآخر حتى في المعتقدات (لكم دينكم ولي دين)، لكنها تطالب المسلم بأن يلتزم بثوابت دينه في ابداء رأيه، وترحب بحريته في التعبير ضمن سياج تلك الثوابت، وتفسح لرأيه كل مجال ليعبر عنه برفق وحكمة وبصيرة وسعة صدر، وتعتبره مخالفا لما ارتضاه الله لعباده إن هو تنكر لتلك الثوابت او تلاعب بها او شكك فيها، ولن يتسامح اي مجتمع مسلم مع احد، أياً كانت توجهاته او تطلعاته، في ان يتحدى الله، ويؤذي مشاعر عباده المؤمنين ويستفزهم بالتطاول على ثوابت عقيدتهم، فللأمة خطوط حمراء لا تسمح لأحد ان يتخطاها مهما كانت الاسباب، ونحسب ان جميع امم الارض امة واحدة في تحديد ثوابتها وخطوطها الحمراء، وان اختلفت تلك الثوابت، او تباينت الخطوط من امة الى اخرى.

4 ـ الإيمان بأن الحقيقة ليست ملكاً مطلقاً لطرف دون طرف:

لا ريب ان البحث عن الحقيقة هي بغية كل انسان وضالة كل متحاور، ومن الاجحاف ان يعتقد اي متحاور ان الحقيقة ملك له دون سواه فيحتكرها لنفسه وينكر معرفة الآخرين لها، ان سيطرة مثل هذا التفكير على احد المتحاورين كفيلة بوضع نهاية للحوار قبل ان يبدأ.

5 ـ عدم إصرار المتحاورين على التمسك بآرائهم بعد أن يتبين لهم عدم صوابها:

ان التمسك بالرأي غير الصائب، بعد وضوح الحقيقة وبيان الحق، هو مقبرة للنقاش ودفن للحوار ودحض للحق وانتصار للباطل ومخالفة للمنطق، طالما ان الهدف من اي حوار هو الوصول الى الرأي الصحيح ومعرفة الحقيقة مهما كلف ذلك المتحاورين. فالنزول عن الرأي الخطأ والتسليم بالرأي الصواب يصبحان من البديهيات، ولا يمكن قبول اي مبرر لعدم الالتزام بذلك، فلا مجال للاصرار والعناد اللذين لا فائدة منهما.

ان المدخل الصحيح والطبيعي لأي حوار ـ في رأينا ـ هو ان يردد كل متحاور قبل بدء الحوار الدعاء المأثور الهادي والجميل: «اللهم أرني الحق حقا وارزقني اتباعه، وأرني الباطل باطلا وارزقني اجتنابه»، ليكون نبراسا يهتدي به في ظلمات النفس ودياجير الهوى فينصاع للحق ويلتزم به. فعلى المتحاورين، إذاً، ان يدركوا ان الاحاطة بقضية النقاش من جميع جوانبها وابعادها هي افضل سبل الاقناع والاقتناع.

في الجزء الثاني من المقال نعرض للضابطين السادس والسابع من الضوابط التي تحكم الحوار واختلاف الرأي.

*عضو مجلس الشورى السعودي