فك الأحجية

TT

دعا رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي اوروبا الى «الضغط على ايران وسورية لوقف المساعدة في القتال» في العراق. ويزيد البيان في الاحجية السياسية القائمة في العراق. فالقوى التي يفترض انها تخضع للنفوذ او التأثير الايراني هي الهادئة والمهادنة منذ اشهر، في حين ان «المثلث السني» هو المشتعل دون توقف. لقد هدأت في الجنوب حتى القوى «الثورية» مثل «جيش المهدي» وسلم مقتدى الصدر الاسلحة او معظمها، وهدأ النجف الا من قنبلة هنا او هناك، وعادت «مدينة الصدر» الى حياتها العادية في بغداد، فيما تزداد البراكين في الرمادي وسامراء وطبعاً الحمم الازلية في الفلوجة.

بكلام آخر هناك هدوء متوتر في الجنوب والشمال وحرب لم تهدأ في الوسط. وقد ادت المفاوضات مع الزعيم الديني السيستاني الى تجنب المعركة الكبرى في النجف والكوفة، لكن جميع المفاوضات مع الهيئات الدينية في الفلوجة باءت بالفشل. ولا بد ان يكون هناك سبب رئيسي، يتعلق، ليس بمطالب المقاتلين، بل بهويتهم. من هم؟

هناك فريقان يريدان الذهاب في مواجهة الاميركيين حتى المعركة، هما الزرقاويون والصداميون. هذا الفريق، المشترك الآن، لا مصلحة سياسية له في الهدنة، لأن في اي اتفاق سلمي خسارة كبرى له. والزرقاويون يعتقدون انهم جروا الاميركيين الى معركة مدمرة في الفلوجة، بينما يعتقد الاميركيون انهم استدرجوا القوى المعارضة الى معركة نهائية في المدينة. ويزيد في الغموض ان الرئيس العراقي اعلن خلال زيارة الخليج انه يعارض اقتحام الفلوجة، في حين ان رئيس وزرائه هو المفترض، من الناحية الشكلية، ان يعطي الامر بذلك.

غموض جديد آخر هو ما اعلن السبت عن ان ضابطاً كردياً من الحرس الوطني فرَّ الى المقاتلين ومعه خطة الهجوم على الفلوجة مما سيؤخر موعد المعركة. ولا نعرف ان كان الضابط موجوداً ام لا. كما لا نعرف ان كان قد زوَّد الخطة الحقيقية ام الخطة الوهمية كما حدث مع صدام حسين، الذي ظن انه اشترى ضابطاً اميركياً كبيراً فاذا الضابط فخ للعراقيين، كما روى الجنرال تومي فرانكس في المذكرات التي نشرتها «الشرق الأوسط».

في أي حال، هناك مفارقتان كبيرتان، سياسية وعسكرية. الاولى رفض القيادات السنية المشاركة في الانتخابات ورفضها الدخول في هدنة، في حين اصدرت القيادات الشيعية «فتوى» تحذر فيها الممتنعين عن الاقتراع بنار جهنم، كما انها تلتزم منذ فترة هدنة عسكرية واضحة. توافق هنا وحرب هناك. فأين هو دور ايران وسورية الذي يشير إليه رئيس وزراء العراق؟ من تدعم الدولتان؟ هدوء الجنوب أم نيران الوسط؟ أم هي الأحجية العراقية التي سوف تستمر الى زمن طويل.