الجامعة المفتوحة والديمقراطية التعليمية

TT

الجامعات في عالم اليوم تلعب دورا قياديا بارزا وفاعلا وتقوم باعداد الكوادر المتخصصة والخبراء في كافة الصعد ولها وظائف عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الوظيفة التدريسية والبحثية وخدمة المجتمع وحفظ التراث القومي للمجتمع والتعريف بالدول التي تنتمي إليها ومواكبة كافة المستجدات التعليمية والتقنية والفكرية وذلك على المستويات المحلية والاقليمية والدولية، لا سيما ان عدم مواكبة المستجدات في الميادين العلمية والثقافية والتقنية الى آخره يعتبر من اخطر انواع الامية على الاطلاق. ونظرا لأهميتها فإن الدول في الشرق والغرب ترصد ميزانيات ضخمة للجامعات لكي تؤدي وظائفها بطريقة فاعلة، لكن رغم ان الجامعات التقليدية قامت وتقوم بادوار ايجابية في الميادين الفكرية والثقافية وفي اعداد الطلاب والطالبات وتحقيق تكافؤ الفرص التعليمية للجميع إلا انها لم تتمكن من استيعاب الطلاب والطالبات الذين حصلوا على شهادة الثانوية العامة وذلك لاسباب موضوعية ومن هذه الاسباب ان اعداد الطلاب والطالبات تتزايد بمتوالية هندسية، بينما اعداد المقاعد الدراسية واعداد الاكاديميين المؤهلين تأهيلا علميا رفيعا تتزايد بمتوالية حسابية وامام هذه المعادلة الصعبة عملت الدول المتقدمة ـ وعلى رأسها بريطانيا ـ التي لها الريادة في مجالات الجامعات المفتوحة على تطبيق فكرة الجامعة المفتوحة وكان لهارولد ويلسون رئيس وزراء بريطانيا العمالي الاسبق الفضل في تطبيق فكرة الجامعة المفتوحة في المملكة المتحدة التي تقوم الآن بقبول الطلبة والطالبات وكل الراغبين في مواصلة تعليمهم العالي من دون التقيد بسن معينة، وهؤلاء الطلاب يدرسون كافة التخصصات الزراعية والطبية والصيدلية والهندسية واللغات والفلك والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس والادارة العامة وادارة الاعمال والموسيقى وفن الطبخ والعلوم الفندقية وتنسيق الزهور الى آخره والشهادات التي تمنحها الجامعة البريطانية المفتوحة معتمدة من قبل حكومة المملكة المتحدة، وهذه الجامعة التي تلقب في اوساط الاكاديميين بجامعة بلا جدران قد حققت الديمقراطية التعليمية لكافة المواطنين البريطانيين وغيرهم من الطلاب الذين يواصلون دراساتهم في المملكة المتحدة، وتتميز الجامعة المفتوحة عن الجامعات التقليدية بأنها تتبنى وتطبق التقنية التعليمية المتطورة والرأي العام يتعرف عن كثب على المواد التي تقدمها للطلاب، ومن مزايا الجامعة المفتوحة التقليل من اعداد الاساتذة المؤهلين، فمثلا استاذ متخصص في العلوم الادارية يمكن ان يدرس ملايين الطلاب والطالبات عن طريق شاشات التلفاز والوسائل التعليمية الأخرى مثل الراديو والكاسيت والافلام الوثائقية ومختلف المطبوعات والنشرات التي تحمل في طياتها المواد الدراسية المختلفة في كافة التخصصات. وتنشيء الجامعة المفتوحة مراكز تابعة لها، حيث يتحصل الملتحقون بها على كافة المواد الدراسية على شكل كاسيتات وبرامج اذاعية وتلفزيونية الى آخره ويلتقون في هذه المراكز بالخبراء والمرشدين الاكاديميين ويتم عقد الاختبارات في هذه المراكز.

ولكي تؤدي الجامعة المفتوحة دورها في المجالات التدريسية والبحثية يجب توفير الآتي، على سبيل المثال لا الحصر:

1 ـ أكاديميون أكفاء يقومون بإعداد مختلف البرامج الدراسية.

2 ـ كتاب سيناريو مؤهلون لاعداد السيناريوهات التعليمية.

3 ـ مخرجون لهم باع طويل وخبرة في مجالات اخراج المواد الدراسية التي تقدم للملتحقين بالجامعة المفتوحة.

4 ـ ممثلون لهم القدرة في توصيل المواد العلمية للملتحقين بالجامعة المفتوحة.

5 ـ اختصاصيون مؤهلون لهم القدرة في اجراء البحوث الاحصائية المختلفة بصورة منتظمة.

6 ـ مصححون لغويون مؤهلون.

7 ـ مصورون أكفاء.

8 ـ خطاطون مؤهلون.

9 ـ خبراء مؤهلون لهم القدرة على تقديم البرامج الدراسية والاساتذة الذين يقومون بالتدريس في الجامعة المفتوحة.

10 ـ مكتبة علمية تحمل في طياتها مختلف المطبوعات والافلام الوثائقية والمجلات العلمية والتربوية الحديثة.

11 ـ توفير عدد كاف من الفاكسات وشبكة الإنترنت والتلكسات والهواتف الى آخره.

وتعتمد الجامعات المفتوحة في تمويلها على المصروفات التي يقدمها الطلاب والطالبات بالاضافة للمعونات المالية التي تقدمها الدولة والاثرياء ومختلف المؤسسات المالية مثل البنوك والمصانع وأموال الوقف، لا سيما ان لوائح الجامعات المفتوحة والتقليدية تسمح بقبول المنح والهبات والتبرعات، ولكي تؤدي هذه الجامعات دورها بفاعلية فإنها تبرم اتفاقيات ثقافية بين مختلف الدول التي بها الجامعات المفتوحة وهذه الاتفاقيات تسمح للجامعة بالحصول على المواد الثقافية والتربوية والتقنية من الجامعات المفتوحة التي عقدت معها اتفاقيات وفي الوقت نفسه الجامعات المفتوحة توطد علاقاتها مع الجامعات التقليدية وتستفيد من القاعات الدراسية والمعامل والمكتبات والاساتذة المتخصصين الذين تقدمهم الجامعات التقليدية. وتقوم الجامعات المفتوحة بتوثيق علاقاتها مع المنظمات التربوية المحلية والاقليمية والدولية مثل منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم المعروفة عالميا باسم اليونسكو والبنك الدولي للانشاء والتعمير والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم واتحاد الجامعات العالمية واتحاد الجامعات الافريقية واتحاد الجامعات الاسلامية. وتقدم هذه المنظمات والاتحادات التربوية للجامعات المفتوحة والتقليدية خدمات تربوية لا يمكن حصرها. ونحن في السودان لنا تجربة رائدة في تقديم برامج تعليمية عن طريق الدوائر التلفزيونية المغلقة للطلاب والطالبات في المراحل الثانوية بالاضافة الى وجود جامعة مفتوحة سودانية، ولكي نعمم فكرة الجامعة المفتوحة في السودان نقدم الاقتراحات التالية على سبيل المثال لا الحصر:

1 ـ اعداد قاعدة معلومات متكاملة للأكاديميين السودانيين الذين تقاعدوا ولهم القدرة على العطاء لكي يدرسوا في الجامعات المفتوحة السودانية.

2 ـ توعية الرأي العام في مختلف ولايات السودان عن طريق مختلف وسائط الاتصال بأن شهادات الجامعة المفتوحة للسودانيين المعتمدة من وزارة التعليم العالي لكي يلتحق الطلاب والطالبات وغيرهم بهذه الجامعة.

3 ـ تكوين لجنة اكاديمية تضم في عضويتها الخبراء والاكاديميين في مختلف التخصصات لكي يقدموا الاقتراحات والتوصيات لهذه الجامعة السودانية المفتوحة.

4 ـ ان تتصل الجامعة السودانية المفتوحة بالمؤسسات المالية والمنظمات الثقافية التي تعمل في المجالات التربوية مثل اليونسكو.

5 ـ ان تطبق الجامعة المفتوحة في كافة ولايات السودان.

6 ـ ان تستفيد الجامعة المفتوحة السودانية من الخبراء البريطانيين لأن هؤلاء لهم الريادة في مجالات الجامعة المفتوحة.

7 ـ ان تطبق الجامعة المفتوحة فكرة الاساتذة الزائرين.

صفوة القول: الجامعة السودانية المفتوحة ستحقق الديمقراطية التعليمية الحقيقية التي تعتبر المقدمة المنطقية للديمقراطية السياسية وستعمل على نشر التعليم في كافة محافظات السودان وستعمل على محو الطبقية الثقافية من قاموسنا التربوي والتعليمي الى الأبد وستسهم في تحقيق الوحدة الوطنية وثقافة السلام وستعمل ايضا على ان تدب الحيوية والنشاط في البلاد المشلولة فكريا.

*أكاديمي سوداني مقيم في الرياض