العزيز «الكافر» يولي النبي يوسف

TT

أما وقد أتينا على بعض طرف من اقوال الفقهاء في حكم تولي الحاكم المسلم ولاية من قبل كافر، فسنأتي الآن على اقوال المفسرين.

فهذه اقوالهم في قوله تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: «قال اجعلني على خزائن الارض اني حفيظ عليم» (يوسف: 55).

قال النحاس في (معاني القرآن 286/4): «اني حفيظ لها ممن لا يستحقها، عليم بوجوه التصرف فيها، وفيه دليل على جواز طلب الولاية، اذا كان الطالب ممن يقدر على اقامة العدل، واجراء احكام الشريعة، وان كان من يد الجائر او الكافر».

قال النسفي في (تفسيره 194/2): «وفيه دليل على انه يجوز ان يتولى الانسان عمالة من يد سلطان جائر، وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة الظلمة، واذا علم النبي او العالم انه لا سبيل الى الحكم بأمر الله، ودفع الظلم الا بتمكين الملك الكافر او الفاسق، فله ان يستظهر به».

قال الالوسي في (روح المعاني 5/13): «عليم بوجوه التصرف فيها، وقيل: بوقت الجوع، وقيل حفيظ للحساب عليم بالألسن، وفيه دليل على جواز مدح الانسان نفسه بالحق اذا جهل امره. وجواز طلب الولاية اذا كان الطالب ممن يقدر على اقامة العدل، واجراء احكام الشريعة، وان كان من يد الجائر او الكافر. وربما يجب عليه الطلب اذا توقف عن ولايته اقامة واجب مثلا، وكان متعينا لذلك، وما في الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا عبد الرحمن لا تسأل الامارة فانك ان اوتيتها عن مسألة وكلت اليها وان اعطيتها من غير مسألة اعنت عليها»، وارد في غير ما ذكر، وعن مجاهد انه(عبد الرحمن) اسلم على يده عليه السلام ولعل ايثاره عليه السلام لتلك الولاية خاصة، انما كان للقيام بما هو اهم من امور السلطنة، اذ ذاك، من تدبير امر السنين، لكونه من فروع تلك الولاية لا لمجرد عموم الفائدة كما قيل».

وفي زبدة التفسير للدكتور محمد سليمان الاشقر: «وتدل الآية على انه يجوز تولي الاعمال من جهة السلطان الجائر، بل الكافر، لمن وثق من نفسه القيام بالحق».

وفي محاسن التأويل للقاسمي: «وهذه الآية أصل في طلب الولاية، كالقضاء ونحوه، لمن وثق من نفسه بالقيام بحقوقه، وجواز التولية عن الكافر والظالم، وأصل في جواز مدح الانسان نفسه لمصلحة، وفي ان المتولي امرا شرطه ان يكون عالما به، خبيرا ذكي الفطنة (كذا في الاصل)».

وفي أنوار التنزيل للبيضاوي «وفيه دليل على جواز طلب التولية، واظهار انه مستعد لها، والتولي من يد الكافر اذا علم انه لا سبيل الى اقامة الحق، وسياسة الخلق الا بالاستظهار به».

وفي الكشاف للزمخشري: «وعن قتادة: هو دليل على انه يجوز ان يتولى الانسان عملا من يد سلطان جائر، وقد كان السلف يتولون القضاء من جهة البغاة ويرونه، واذا رأى النبي او العالم انه لا سبيل الى الحكم بأمر الله ودفع الظلم الا بتمكين الملك الكافر، او الفاسق، فله ان يستظهر به».

وللحديث صلة بعون الله ...

* فقيه سعودي