تمور...

TT

شهر رمضان المبارك يزداد فيه استهلاك التمور بشكل واضح جدا. وبين السعوديين والتمور علاقة حب خاصة ممتدة عبر أجيال وأجيال. والتمور تحصد في مناطق مختلفة من المملكة، فهناك المدينة المنورة والقصيم والاحساء ونجران، مثالا لا حصرا. وكافة تلك المناطق تقدم أنواعا وأصنافا متعددة من التمور والرطب تملأ الموائد السعودية في رمضان وغيره.

ولكن بنظرة الى حالة صناعة التمور في السعودية نجد أن التطور فيها يتركز على الجانب الرأسي في المنتج بمعنى أن الاعتماد هو على زيادة زراعة التمور وزيادة وسائل وأساليب بيع التمور سواء كان ذلك عبر منافذ بيع حديثة أو بتغليف متطور اضافة للتوجه للتصدير.

ولكن التطور الأفقي لم يصب ولم يطور صناعة التمور أبدا. فلم يحدث أن تم ادخال التمور في صناعات ومستحضرات التجميل، ولم يحدث التطور النوعي الملموس في ادخال التمور في منظومة الطب البديل بشكل حديث وعصري.

لقد قامت دول مختلفة حول العالم بتطوير بعض المواد التقليدية وادخالها في صناعات عصرية جديدة مضيفة بذلك قيمة أخرى لتلك المواد مما مكنها من زيادة الارباح وتوفير علم جديد ينتفع به. وقد قامت نيوزيلندا وفرنسا بعمل ذلك في سلعة العسل. وايطاليا واليونان واسبانيا في سلعة زيت الزيتون على سبيل المثال، وقاموا بادخال تلك العناصر في الكثير من المواد الاستهلاكية المختلفة مقنعين الناس بفوائدها الجمة للصحة والبشرة والشعر وبالتالي جعلوهم يتعلقون بتلك المنتجات الجديدة ويسعون للحصول عليها بصورة مستمرة. وكان من المفترض أن تلقى التمور نفس الانتباه وتحظى بأفكار شبيهة لتخرجها من الحصار التقليدي لاستخدامها.

هناك دراسات مختلفة، منها العلمي ومنها الطبي، تشير الى الفوائد الجمة للتمور وبالتالي الارضية الترويجية للسلعة، وكل ما يحتاجه الأمر هو الإرادة ورأس المال. ومثال صناعة التمور هذا هو نموذج ومرآة لأمثلة أخرى موجودة في صميم الاقتصاد السعودي، وهو اقتصاد بات يعتمد على التقليد الآمن الخالي من الاثارة والمغامرة، والتجديد هو الخط الذي يمكن أن يميزه عن غيره من اقتصاديات المنطقة تحديدا والعالم عموما.

واذا كانت السعودية قادرة من خلال سلعة محلية من المفروض أنها تمتلك فيها مزايا تنافسية عديدة، أن تكسر الحاجز التقليدي وتنطلق بها نحو العالمية في مجالات أفقية جديدة فانها بذلك قد تبث روحا من الإثارة طال انتظارها في سوق لا حديث ولا جديد فيها الا الأسهم والأراضي، وهذه لا تحدث وظائف ولا تنمي اقتصادا. صناعة التمور الحديثة «المختلفة» هي فرصة ذهبية لتطوير الاقتصاد السعودي ولكن من سيقدم عليها ومتى؟

[email protected]