ضرورة نقل السلطة الفلسطينية

TT

ما يحدث على الساحة الفلسطينية، بعد تفاقم الحالة الصحية لعرفات، معيب ومثير للحزن، ولكنه ليس سوى نتيجة طبيعية لما كنا وكان غيرنا يحذر منه ، وهو القيادة الفردية ، وغياب القرار الجماعي، وغياب الشفافية.

ولأن الأمور في السلطة الفلسطينية تدار بشكل شخصي ، ولأنه ليس هناك تنظيم مؤسسي للسلطة، فقد نجحت سهى عرفات في خلق أزمة سياسية كبيرة ، وهي التي لا علاقة لها بالقرار الفلسطيني ، وهي ليست سوى زوجة رئيس السلطة الفلسطينية. والسيدة عرفات كانت تعيش في باريس عندما كان زوجها محاصرا ومريضا، ولكنها فجأة قفزت إلى الساحة الإعلامية ، وذهبت إلى رام الله لترافق زوجها للمستشفى الباريسي ، وبدأت تحدد للأطباء ما يقولون وما لا يقولون عن حالة الرئيس المريض، وتمادت في موقفها إلى درجة توجيه نداء بلا طعم ولا لون ولا رائحة للشعب الفلسطيني ، اتهمت فيه القيادات الفلسطينية التي ستقوم بزيارة أبو عمار في المستشفى ، بأنهم «حفنة من المستورثين الذين يريدون دفن الرئيس حيا ». وهو كلام معيب من شخص لا علاقة له أصلا بقضية خلافة عرفات، ولا ترتيبات هذه الخلافة.

المشكلة الكبرى الآن هي في أموال السلطة الفلسطينية ، فتقارير كثيرة تتحدث عن أن معظم أموال السلطة مسجلة باسم عرفات شخصيا، وكلنا يعرف أن هناك استثمارات مالية عربية ودولية بلافتات تجارية عديدة تخص المنظمة، ومن حق السلطة أن تتأكد أن هذه الأموال ستؤول إلى أصحابها الشرعيين ، وهم الفلسطينيون ، وإنها ليست أموالاً شخصية لعائلة عرفات، وهو الأمر الذي حدا بنواب فلسطينيين في البرلمان الفلسطيني للمطالبة باستجواب السيد محمد رشيد ، المستشار المالي لعرفات وزوجته سهى ، عن مصير هذه الاستثمارات الكبيرة.

نقول وبأسف شديد، إن من يزرع الريح يجني العاصفة، وأن كل النداءات التي تطالب القادة الفلسطينيين بإصلاح الأوضاع لسنوات طويلة قد ذهبت أدراج الرياح، ولم يبق أمام القادة الفلسطينيين اليوم إلا اتخاذ القرار الحاسم بنقل السلطة وبحسم كل الأشياء المعلقة ، وهو أمر لا يقلل من احترام عرفات ، لأن القضية أكبر من أن تكون قضية شخص.