العراق يستحق غير هذا العبث

TT

بشع للغاية ما يحدث في الفلوجة.

وبشع للغاية ما يحدث في سائر المدن والبلدات العراقية من إزهاق للأرواح وتدمير للممتلكات.

كل ما جرى في العراق منذ بدء الحرب في مارس (اذار) الماضي حتى الآن بشع الى ابعد الحدود ولا يفرق في شيء عما كان يحدث في عهد صدام حسين.

كان العراق في عهد صدام الطويل بؤرة للموت المعلن في الحروب الداخلية والخارجية، وللموت السري في المقابر الجماعية، واصبح نتيجة لذلك مركزا للخراب الاسطوري.

لكن ها هي صورة العراق، بعد تحرره من صدام، تحتفظ بالتفاصيل الكارثية ذاتها والألوان المأساوية نفسها.

كل الحروب ظالمة، بما فيها حروب التحرر الوطني، ما دامت تنطوي على بشاعات، ومنها قتل ابرياء وتدمير مساكن ومصادر رزق للإنسان والحيوان. ما يجري في الفلوجة ومناطق العراق الأخرى تتحمل القوات الاميركية والقوات المتحالفة قسطا من المسؤولية عنه .. وقسط آخر يتحمله «المقاومون». ولا تنحصر المسؤولية بهذين الطرفين، فالحركة السياسية العراقية ـ بشقيها الحاكم والمعارض ـ تتحمل نصيبا غير قليل في المسؤولية عن هذا العبث الجاري على قدم وساق.

بسبب أنانية معظم قواها ووجود أجندات غير وطنية لديها ـ هي في الغالب أجندات طائفية او قومية شوفينية او حزبية ضيقة ـ لم تستطع هذه الحركة من انشاء كيان سياسي متوافق ومتآلف لها في عهد صدام لتوفر البديل الجاهز لنظامه .. وبسبب هذا ايضا لم تستطع ـ بعد انهيار نظام صدام ـ ان تنشئ كيانا حاكما يحظى بالتفاف معظم الشعب العراقي حوله ويتصدى لانتهاكات القوات الاميركية والقوات المتحالفة.

لم يُعدم العراق بعد القوى والشخصيات الوطنية المسؤولة التي تدرك بشاعة ما يجري في البلاد وضرره البالغ على مستقبل العراق والعراقيين.

هذه القوى مطالبة بأن تخرج من موقف المتفرج وتتداعى لعقد مؤتمر وطني شامل يلتئم في بغداد او اربيل او البصرة، على سبيل المثال لا الحصر، لبحث الوضع الأمني الراهن وعواقبه ولتوسيع قاعدة النظام القائم، ولعزل القوى الإرهابية والإجرامية الضالعة في اعمال القتل والتدمير، ولإرغام القوات الاميركية والمتحالفة على وقف تجاوزاتها وتصرفاتها المثيرة للنقمة عليها وعلى النظام الحالي. لا ينبغي ان يترك العراق والشعب العراقي فريسة للإرهابيين وداعميهم من دول الجوار وقوى الارهاب الدولي، وللقوات الاميركية.. انهما يستحقان ما هو افضل من الوضع القائم، مثلما كانا يستحقان نظاما غير نظام صدام حسين البائد.

[email protected]