إسرائيل.. خداع النفس

TT

سيدفن الاسرائيليون كثيرا من قتلاهم في مشهد سيتكرر كثيرا، سواء جاءت حكومة اليمين أو اليسار، او جاءت حكومة وحدة وطنية تمثل كل الاطياف السياسية والاجتماعية في اسرائيل.

المشكلة التي لا يريد الاسرائيليون مواجهتها هي انه لا سلام مع الاحتلال، وانه دون انسحاب اسرائيلي شامل من الاراضي المحتلة فان العنف سيكون سيد الموقف، وانه لا احد يستطيع وقف العنف او التحكم فيه سواء كان ياسر عرفات او رئيس وزراء اسرائيل، او حتى جيش الدفاع الاسرائيلي.

الفلسطينيون خسروا كل شيء، خسروا ارضهم ومنازلهم، وهاموا في العراء لخمسين سنة، وتحملوا من المشاق والعذاب الكثير، وليس لديهم ما يفقدونه، حتى اصبح الموت ممارسة يومية، حيث يموت الاب فيخرج ابنه في الصباح التالي حاملا صورة والده الشهيد، ويموت الابن فسيتقبل الاباء والامهات طوابير المهنئين في مشهد لا يتكرر في اماكن كثيرة من العالم.

الاسرائيليون الذين جاءوا ليعيشوا في الارض الموعودة وليحققوا احلام السراب التي غذاها الفكر العنصري والصهيوني وليقيموا دولة السلام، لن يتحقق لهم شيء من ذلك، في ظل الاحتلال وقصف المدن، واعتقال المئات ومحاصرة الناس في خبزهم وحياتهم اليومية.

عملية تل ابيب الاخيرة هي درس للجميع، بان الاجراءات الامنية لا تصنع سلاما، والعنف لا يحقق استقرارا، وان شخصا واحدا بلا سلاح يستطيع ان يقتل ويجرح اكثر من عشرين عسكريا اسرائيليا، وان المسألة في النهاية مسألة شعور الفلسطيني بالاطمئنان في ظل دولة فلسطينية مستقلة، وان استمرار العنف والقتل تحول الى مدرسة يومية يتخرج منها العديد من المستعدين للموت من اجل الحرية.

لا عرفات ولا غيره يستطيع وقف الناس عن ان يستشهدوا، وكل محاولات اسرائيل تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية العنف هو خداع للنفس، يعرف الاسرائيليون قبل غيرهم انه لا مخرج من العنف إلا بانسحاب شامل من الاراضي المحتلة.

تجربة جنوب افريقيا تتكرر في فلسطين. وعناد الاسرائيليين سيجعلهم يدفعون في المستقبل اكثر بكثير مما سيدفعونه اليوم. لكنه العناد ولا شيء غير العناد.