بوش.. البيت بيتك!

TT

كانوا يقولون في الخليج عقب حرب تحرير الكويت عن الرئيس جورج بوش الأب «اذا جاءك بوش نم في الحوش»، اي نم آمنا في فناء دارك، اما الآن فيقال عقب الاحداث الاخيرة، «اذا اطل بوش فاهرب من الحوش». وبوش هنا هو حورج الابن.

ولعل خروج الوزير المؤدب الوحيد كولن باول من وزارة الخارجية ومناولة بوش الحقيبة لمستشارته الحديدية كوندي رايس هي رسالة واضحة للجميع انه لن يهاب خوض معارك مقبلة.

واذا كنا نعتقد انها مسألة مزاجية فعلينا ان نستشعر النشوة حتى نفهمه. ستون مليون صوت حصل عليها بوش في الانتخابات مثل الخمرة في الرأس تعني له انتدابا شعبيا. اختاروه رغم قتلى حربي العراق وافغانستان، وفضائح غوانتانامو، وقطيعة الاوروبيين، وتنامي نشاط القاعدة. فاز رغم فيلم مايكل مور الذي سخر منه بقسوة وحقق اقبالا جماهيريا منقطع النظير لفيلم وثائقي في دور السينما. كسب اصوات الاغلبية رغم تجمع الموسيقيين والمطربين والممثلين والاعلاميين ضده. كسر بفوزه كل القراءات العلمية والمقارنات التاريخية. كسب رغم انه جلس في البيت الابيض ينتظر النتائج مع ان مساعديه نبهوه ان ذلك يعد من سوء الطالع، وما من رئيس قط أعيد انتخابه وهو ساكن فيه وقت التصويت، وتحدى نبوءات قراء الحظ الذين قالوا ايضا ما من رئيس اعيد انتخابه اذا صادف ذلك الاسبوع ان هزم فريق العاصمة «ريد سكن» لكرة القدم. خسر الفريق ومع هذا فاز بوش. بعد الفوز المعجزة دب القلق متساءلين: ان كان ما يشاع عنه صحيحا انه يظن نفسه منتدبا من عند الله فكيف الحال بعد كل هذه «المعجزات»؟

لكن رغم كل ما قلته أعلاه، الحقيقة بعيدة عن ادعاء المعجزات والكرامات فبوش انتصر في انتخابات مفتوحة يحتمل فيها الربح والخسارة. ومن الخطأ تصوير ما سيحدث سياسيا بأنه نتاج مزاج شخصي، فالاستراتيجيات اكبر من الافراد. وحتى نفهم ما يحدث يمكن ان نقارن بوش برونالد ريغان، الرئيس الذي حكم مثله ثماني سنوات. فقد قيل الكثير ضد تلك المرحلة المميزة بلغة التصعيد وزيادة التسلح الاميركي وتحريك القوات بين المحيطات لكن لنتذكر النهاية حيث اسفرت عن إسقاط الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينات، أي بعد اقل من عامين من نهاية الحقبة الريغانية. فهي لم تكن كما وصفت بسذاجة بأنها سياسة رئيس جاهل يمتطي ثورا هائجا، بل كانت استراتيجية الدولة تتحرك على سطح الشطرنج بالزحف نحو القلعة السوفياتية لحسم آخر ايام الحرب الباردة.

ولو جاز ان نستطلع ما الذي يمكن ان يفكر فيه الرئيس بوش لأربع سنوات مقبلة فمن البديهي القول انه يريد ان يكسب المعارك التي بدأها في الاربع سنوات الماضية، ويعزز وجود بلاده في ظل التكتل الدولي الذي يتشكل في الأفق. ومن المستبعد ان يترك التحديات الاقليمية تحول دون تحقيق أهداف الامبراطورية اقليميا او دوليا.

[email protected]