تشكيلتان: 16 * 30

TT

تثير الحكومة الاميركية الجديدة (والقديمة) الشفقة: 16 وزيراً لادارة شؤون اميركا وشؤون العالم ايضاً. همومها في الغرب وفي الشرق. سفاراتها في كل بقعة مستقلة في الارض. وبرغم ذلك كله، 16 وزيراً فقط. ومن بين هؤلاء ليس هناك وزير دولة واحد. ولا وزير بيئة مثلاً. ولا طبعاً وزير اعلام.

يفضح هذا التخلف الاميركي في اصول الادارة والحكم، التقدم الذي حققناه في لبنان: 30 وزيراً على الاقل. اي ضعف الادارة الاميركية الا واحداً. وبينهم «وزراء دولة» لا حقائب لهم ولا مكاتب ولا عمل، سوى حضور جلسات مجلس الوزراء والتقاط الصورة التذكارية. ونتميز في لبنان بوزراء الدولة الاجلاء واحمالهم الثقيلة عن جميع البلدان العربية ايضاً. بما فيها مصر وملايينها السبعون. والا كيف نظهر تفوقنا على العالم والامم؟ وكيف نثبت موقعنا الدولي القيادي؟ وكيف نوزع ثروات لبنان الكبرى، اذا لم نكافئ وزراء الدولة وافضالهم على البلد وانجازاتهم الكونية التي جعلتنا لا نستغني عنهم وعن مآثرهم وعن سِيرهم العظيمة.

لكن ثمة مشكلة تفصيلية بسيطة. ليست في ان احداً من اللبنانيين لا يعرف وزراء الدولة الجدد ولا يعنيه او يهمه ان يعرف، بل في ان رئيس الوزراء نفسه لا يعرف احداً منهم. ولا كان قد سمع بمعظم وزرائه قبل ان يقرأ اسماء التشكيلة المبهجة. والثابت طبعاً، هو ان لا فرق سواء عرفهم ام لا. فلم يتغير شيء. ولكن من باب اللياقات كان وزراء «الدولة» في الحكومات السابقة رجالاً معروفين وعلى مستويات معينة.

الآن تتعرف الجمهورية الى افذاذ جدد، لاننا نواجه «لحظات مصيرية» و«مرحلة دقيقة» و«ظروفاً اقليمية صعبة». وبسبب نفوذنا في العراق ودورنا في فلسطين وتأثيرنا على الادارة الاميركية الجديدة، كان لا بدّ من الاستعانة بثلاثين وزيراً دفعة واحدة. خصوصاً منهم وزراء الدولة الذين لولاهم لما استطعنا ان نواجه «الهجمة الشرسة» التي تتعرض لها المنطقة. وعندما تدخل المنطقة في مثل المحنة الكبرى التي هي فيها، من يحل القضية؟ آه، طبعاً. طبعاً. لقد اصبحت جنابك تعرف الجواب. وارجوك ان تتوقف عن متابعة تشكيل الحكومة الاميركية الجديدة. لا تهتم. لقد اتخذنا سلفاً جميع الاحتياطات: مقابل كل وزير وزيران. ومقابل رايس ورامسفيلد وبوش (اب وابن) وتشيني، وزراء الدولة في حكومة الرئيس عمر كرامي. رجل ينتمي الى بيت سياسي عمره مائة عام على الاقل، أُلحق به وزراء «دولة» يذكروننا بما وصلنا اليه.