ثمن الوعي!

TT

المثقفون الذين يتمتعون بدرجات أعلى من التحضر والفهم لما يدور في العالم من حولنا من قضايا ومشكلات، هم في الوقت نفسه أكثر أفراد المجتمعات شعوراً بالتوتر والقلق. وقد أكدت دراسة أمريكية أن الذين وصلوا إلى مراحل تعليمية عالية وحصلوا على قدر كبير من الثقافة يعانون من أعراض التوتر والقلق أكثر من غيرهم الذين حصلوا على قدر متواضع من التعليم والثقافة.

يوضح المشرف على الدراسة، وهو طبيب متخصص في أمراض العصر النفسية، أن أحد أسباب العلاقة الوثيقة بين الانسان المثقف وبين أعراض التوتر والقلق التي تداهمه في حياته اليومية هو امتلاك الانسان المثقف وعياً أكثر بكثير من أي انسان طبيعي آخر، يجعله على دراية بخلفيات ما يجري من حوله من أحداث، الأمر الذي ينجم عنه اصابته بالتوتر والقلق.

الانسان المثقف جزء لا يتجزأ من مجتمعه وأكثر اطلاعاً وفهماً لما يدور حوله، لذلك هو أكثر حساسية من الآخرين، ومن ثم تنعكس الأحداث الجارية على وعيه بطريقة تصيبه بالاكتئاب. ولقد أوضحت الدراسة ذاتها أن الفئات التي تحصل على قدر عال من التعليم والثقافة، كالأدباء والشعراء، تشعر بالقلق على نحو دائم ومستمر لأنهم يقضون معظم يومهم في التفكير في أحوال الدنيا وفي مسببات الأحداث الجارية السريعة والمتلاحقة والتي لها آثار عميقة في المجتمع الذي يعيشون فيه.

وتوصلت الدراسة إلى أنه اذا كانت الحالة الصحية والنفسية للفئات المتعلمة والمثقفة لا تقف عند حدود الإصابة بالتوتر والقلق فقط، بل تنسحب كذلك على الحالة الصحية بوجه عام، فإن الأشخاص الأقل تعليماً وثقافة ويتمتعون بحالة نفسية شبه مستقرة وأقل توتراً، يشكون من أعراض مرضية عضوية بنسبة أكبر.

مثل هذه الدراسة الطبية التي تبحث في تأثير الثقافة الواسعة والتعليم العالي على الحياة اليومية للفرد، هل تتسبب في إدخال الثقافة قفص الاتهام بعد أن أثبتت أن هناك علاقة وثيقة بين التوتر والقلق وسوء الحالة الصحية عموماً والثقافة؟

[email protected]