ما «العمل»؟

TT

سوق أشبه بسوق الرق الأبيض ذلك الذي يحدث اليوم في مجال تأشيرات العمالة المنزلية والخدم تحديدا. فهناك حالة من التسيب والتلاعب غير العادي تحصل في هذا الأمر بصورة خطيرة وتدعو للكثير من القلق. عشرات النساء من الجنسيات المختلفة أتين للسعودية بغرض العمل بمهنة خادمة ثم سرعان ما «يهربن»، وبالتالي يدخلن في دائرة سوق سوداء تقنن تسعيرة جديدة لهن للعمل في منازل مختلفة كخادمات ولكن بدون إقامة رسمية. ويحدث نفس الشيء بالنسبة للسائقين وللعمالة غير المؤهلة.

وفي أكثر من تصريح لافت لبعض المسؤولين في وزارة العمل كان اللوم دوما ينصب وبشدة على مكاتب الاستقدام وعلى الشركات الصغيرة والمتوسطة لقيامها بالتعاقد من الباطن مع عمالة غير مرخص لها. ولكن السؤال الأهم والأخطر الذي يجب أن يطرح على وزارة العمل هو: ألا يمكن تتبع سلسلة السيرة الحركية لأي تأشيرة صدرت من جهة ووردت إلى السعودية ومعرفة من هو الذي أصدر تلك التأشيرات وكيف صرفت للسوق العام وبالتالي حدثت المخالفات التي يشتكي منها أعداد غير بسيطة من الناس. وهذه الثغرات الموجودة اليوم في نظام الاستقدام مرشحة للتفاقم وبسرعة شديدة.

وبالرغم من حدوث تطورات لافتة وجيدة ومهمة في سعودة الوظائف عموما وانخفاض نسبة الاستقدام والتأشيرات الصادرة لهذا الغرض فان العمالة المنزلية (وهي وظائف لن تكون سعودتها أمرا واقعيا أبدا في المستقبل لا في القريب ولا البعيد!)، وهذه النوعية من العمالة سيظل الاحتياج لها متزايدا في ظل النمو السكاني المتزايد والذي كانت أرقام التعداد السكاني التي جرى إعلانها أخيرا بمثابة مكالمة إيقاظ وصدمة كهربائية وتأكيد لذلك وهي من المفروض أن تجعل أمورا كثيرة تأخذ منحى آخر ومسلمات يعاد النظر فيها.

أنظمة الاستقدام المعمول بها اليوم في مسألة العمالة المنزلية لا بد أن يحدث فيها التطوير الشامل المتجدد، بحيث تعامل مكاتب الاستقدام المصرح لها كمؤسسات الطوافة وتشارك في تحمل مسؤولية الخادمة في فترة سماح تحدد، وكذلك قد يكون هناك أيضا مبلغ مالي كضمان لتلك الفترة حتى يتم تثبيت الخادمة في مكان عملها.

باب الاقتراحات يجب أن يفتح لتلقي الأفكار العملية التي من شأنها أن تعالج هذه القضية الأخلاقية والإنسانية والاجتماعية والاقتصادية التي تخص سوق العمالة المنزلية. ومن المهم عدم التعامل مع هذه المسألة برفاهية بل بشكل سريع لأن سمعة السعودية بأسرها هي المتأثرة وهذا شأن عظيم.