الأداء الفلسطيني .. درجة إمتياز

TT

لم يكن الانتقال السلس للسلطة بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هو المفاجأة الوحيدة التي قدمها الفلسطينيون للعالم وسط وضع صعب ومعقد، ولكن ايضا الطريقة الهادئة والحكيمة التي تدير بها القيادة الفلسطينية الجديدة الأوضاع في الفترة الانتقالية ولحين انتخابات الرئاسة المقبلة.

وكانت طريقة المعالجة والأداء مثار ثناء من قبل سياسيين دوليين واقليميين وسط مخاوف من حدوث فوضى وصراعات مسلحة بين الفصائل الفلسطينية المتنافسة، خاصة وانه قبل وفاة الرئيس الفلسطيني عرفات بدأت تظهر على السطح بوادر صراعات أخذت في بعض الأحيان شكلا قبيحا في الاحتكام للسلاح.

ولم تتحقق أي من هذه المخاوف حتى الآن، فأكبر الفصائل الفلسطينية «فتح» ادارت عملية اختيار مرشحها للرئاسة بشكل هادئ. ولا يمكن ان يكون قرار مروان برغوثي بعدم ترشيح نفسه للرئاسة حتى لا يحدث انقسام في الحركة إلا مثار اعجاب وتقدير للشعور العالي بالمسؤولية من جانبه وهو في السجن. وحتى الفصائل الأخرى المتنافسة مع «فتح» مثل «حماس» حافظت على الصمود اللازم من اجل اظهار وحدة الصف الفلسطيني، ولم تستغل الفرصة لاحراز مكاسب حزبية ستكون في كل الأحوال قصيرة المدى في مثل هذه الظروف.

باختصار لقد كان الأداء الفلسطيني منذ وفاة عرفات حتى الآن ممتازا على الصعيد المحلي في مجال ضبط الأمور او السعي الى ضبطها، أو على الصعيد الخارجي من حيث اللغة المستخدمة لمخاطبة العالم، ومد الجسور التي كانت تقطعت في العامين الأخيرين لأسباب كثيرة.

وهذا يحتاج من الأطراف الدولية والاقليمية المعنية ملاقاة الفلسطينيين في منتصف الطريق ومساعدة القيادة الفلسطينية الجديدة في اعادة فتح طاقة أمل في ان هناك مسارا سياسيا لانهاء المعاناة وصولا الى اقامة الدولة الفلسطينية.

واذا كانت مرحلة ما بعد انتخابات الرئاسة الفلسطينية هي الأكثر اهمية بالنسبة الى جهود السلام، فان المرحلة الانتقالية مهمة هي الأخرى في تهيئة الأوضاع، وتحقيق الاستقرار في الأراضي الفلسطينية، وهي مسألة تحتاج الى ضغط دولي على اسرائيل لوقف عملياتها العسكرية في الأراضي الفلسطينية، والكف عن خلق المتاعب اليومية لمعيشة الفلسطينيين وتقييد حرية حركتهم.

ومبعوث الأمم المتحدة لارسن على حق في قوله بان هناك فرصة حقيقية الآن للتقدم في عملية السلام، وان تفويتها لن يؤدي إلا الى مستقبل قاتم في المنطقة، والمهم ان تكون الأطراف المعنية، خاصة واشنطن، اقتنعت بانه لا يمكن اهمال المسار الفلسطيني مهما كانت الانشغالات الأخرى.