البحرين.. ديمقراطية سياسية واجتماعية

TT

يومان قضيتهما في البحرين ووجدت فرحا غير مصطنع، واحتفالات صادقة من كافة فئات المجتمع، وكان لخروج جميع المعتقلين السياسيين من السجون، وعودة كل المبعدين من الخارج، وتزامن ذلك مع الاستفتاء على نظام الحكم الجديد اثر بالغ في حفلة الفرح العارمة التي تشهدها البحرين بصدق وعفوية.

البحرين تواجه وضعا تنمويا واقتصاديا يجب ان تكون له الالوية، فالحرية، والتعددية مع اهميتهما الاستثنائية للانسان لا تكفي دون توفر الحد الادنى من مطالب الحياة التي تحفظ كرامة الانسان. وفي البحرين حاجة ملحة الى خطوات تنموية سريعة، للقضاء على البطالة، ولرفع مستوى المعيشة، ولتوفير الخدمات الاساسية وخاصة في القرى والمناطق الفقيرة. وهذا يتطلب ضغط المصروفات الكمالية وتقليل الفجوة بين طبقات المجتمع، واستخدام الفوائض المالية مهما كانت صغيرة للتنمية.

تحدي اهل البحرين مع تجربتهم الجديدة يتطلب تعزيز فكرة المواطنة، لان بديلها هو اللجوء الى الطائفية او القبلية وفي ذلك مقتل لأية تجربة ديمقراطية ناشئة، وتجفيف منابع الطرح الطائفي والفئوي هو مسؤولية الدولة من خلال توفير حياة كريمة للناس لا تجعلهم تحت رحمة قوى اخرى غير الدولة، ومن خلال شعور المواطنين بالمساواة في الحقوق والواجبات، ومن خلال التوزيع العادل للدخل القومي، ومراقبة المال العام والتأكد من انه يصب في مصبه الصحيح لصالح التنمية بعيدا عن مصالح فئات متنفذة صغيرة.

الديمقراطية ليست هدفا في حد ذاته، ولكنها اداة للوصول الى هدف، وطريقة حياة تستهدف الوصول الى مجتمع مستقر وآمن، تفصل فيه بشكل دقيق السلطات المختلفة، ويتعزز فيه القضاء، وتحفظ الحقوق والحريات العامة والخاصة، واكبر اعداء الديمقراطية هو تلك الفوارق الكبيرة في مستوى المعيشة، وتلك الفوارق المصطنعة بين فئات وطوائف المجتمع، وشعور قطاعات معينة في المجتمع بالحرمان، ففي ظروف كهذه تدخل على الخط قوى لا تستهدف مصلحة المجتمع، وقوى تتاجر بحرمان الناس، وقوى لا تعيش الا على التكسب بتقسيم المجتمع الى فئات وطوائف، ومثل هؤلاء يستخدمون الديمقراطية كأداة للفرقة لا للوحدة، واداة للصراع لا للتنمية.

البحرين بحاجة الى عمل تنموي حاسم حتى لا تحضر الديمقراطية السياسية، وتغيب الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية، وهو امر خطير على اية ديمقراطية ناشئة.