مبررات لقرارات العفو

TT

بسبب المتابعة المكثفة والانتقادات للعفو عن مارك ريتش وشريكه بينكوس غرين، وبسبب الاهتمامات القانونية التي اثيرت، اود ان اشرح ماذا فعلت ولماذا.

اولا، اود ان ادلي بتعليقات عامة حول العفو وخفض مدد الحكم. ان المادة الثانية من الدستور تعطي الرئيس صلاحيات واسعة للـ «العفو ووقف تنفيذ الاحكام» لجميع التهم ضد الولايات المتحدة. وقد اقرت المحكمة العليا ان صلاحيات العفو تمنح للرئيس . . . وبدون قيود (الولايات المتحدة ضد كلاين) . واعلن القاضي اوليفر وندل هولمز ان «العفو . . . يرجع الى تقييم السلطة العليا ان المصلحة العامة ستخدم بطريقة افضل (بالعفو). . . » (بيدل ضد بروفتيش).

ربما يقرر الرئيس ان العفو او تخفيض الحكم ممكن لعدة اسباب: الرغبة لاستعادة حقوق المواطنية كاملة، بما في ذلك التصويت، لاشخاص نفذوا مدة الاحكام الصادرة ضدهم ويعيشون في اطار القانون منذ ذلك الوقت، والاعتقاد بأن الحكم كان مبالغا فيه او غير عادل، والظروف الشخصية التي تشمل العطف او ظروفا اخرى مميزة.

ان ممارسة حق العفو التنفيذي هو في الاصل مثير للجدل. وسبب منح واضعي الدستور لهذه الصلاحيات الواسعة للسلطة التنفيذية هو ضمان ان يكون للرئيس الحرية لما يراه صالحا، بغض النظر عن عدم شعبية مثل هذا القرار. وبعض استخدامات تلك الصلاحيات كانت مثيرة للجدل للغاية، مثل عفو الرئيس واشنطن عن قادة تمرد الويسكي، وخفض الرئيس هاردينغ للحكم الصادر على ايوجين دبز وقرار الرئيس نيكسون تخفيض مدة الحكم الصادرة على جيمس هوفا، وقرار فورد العفو عن الرئيس السابق نيكسون، وقرار كارتر العفو عن الذين قاوموا التجنيد خلال حرب فيتنام. وقرار الرئيس بوش في عام 1992 بالعفو عن المتهمين في قضية ايران/ كونترا، بمن فيهم وزير الدفاع السابق وينبرغر، التي ضمنت انتهاء التحقيق في هذه القضية. وفي 20 يناير 2001، اصدرت قرارات بالعفو في 140 قضية وقرارات بتخفيض مدة الحكم في 36 قضية. وخلال فترة رئاستي، اصدرت ما مجموعه 450 قرارا بالعفو وتخفيض مدة الاحكام، بالمقارنة بـ 406 قرارات للرئيس ريغان خلال رئاسته التي استمرت لعهدين. وخلال مدة حكم الرئيس كارتر التي استمرت 4 سنوات اصدر 566 قرارا بالعفو وتخفيض الاحكام، وفي نفس الفترة اصدر الرئيس بوش 77 قرارا. اما الرئيس فورد فقد اصدر 49 قرارا بالعفو وتخفيض الاحكام خلال الفترة التي قضاها رئيسا التي تزيد على سنتين.

ان الاغلبية العظمى من قرارات العفو كانت لصالح اناس غير معروفين. وبعضها كانت احكاما متلاحقة او اجبارية طبقا لقوانين المخدرات، وشعرت انهم قضوا مدة حكم كافية، اذا وضعنا في الاعتبار الظروف الخاصة للقضايا الفردية. ومعظم هؤلاء ارتكبوا جرائم لا تتسم بالعنف، وليست لديهم سوابق. وفي بعض الحالات حصل الشركاء في الجريمة على احكام اقصر للغاية. وبناء على طلب المدعي العام خفضت الحكم بالاعدام في حالة واحدة لان الشاهد الرئيسي غير شهادته فيما بعد، مما اثار الشكوك في جريمة المتهم. وفي بعض الحالات اصدرت قرارات بالعفو لانني شعرت ان الافراد عوملوا بطريقة غير عادلة او عوقبوا طبقا لقوانين الدفاع القائمة. وباقي قرارات العفو وتخفيض مدة الاحكام صدرت لعدد متنوع من الاسباب المحققة، ولكن القاسم المشترك هو ان القضايا، مثل قضية باتريشيا هيرست، كانت تستحق الرأفة التنفيذية. واغلبية قرارات العفو ذهبت الى اشخاص صدرت ضدهم احكام وقضوا مدتهم، ولذا فإن نتيجة العفو كانت، بصفة اساسية استعادة حقوق المواطن المدنية. ومعظم تلك القضايا، بما فيها تلك المثيرة للجدل، حظيت بدعم حزبي مشترك.

الا ان العفو الذي جذب معظم الانتقادات كان العفو عن مارك ريتش وبينكوس غرين، اللذين ادينا في عام 1983 بتهم ابتزاز الاموال وتهم متعلقة بنشاطهم في مجال النفط.

وفي الحالات العادية، كنت سأرفض العفو في هذه القضية ببساطة لان الرجلين لم يعودا للولايات المتحدة لمواجهة التهم الموجهة ضدهما. الا انني قررت منح العفو في هذه القضية غير العادية للاسباب القانونية والمتعلقة بالسياسة الخارجية التالية:

1 ـ فهمت ان شركات النفط الاخرى التي نفذت عمليات مماثلة لتلك التي ادين فيها ريتش وغرين قد تمت مقاضاتهم مدنيا.

2 ـ اُبلغت انه في عام 1985 في قضية مماثلة ضد شريك تجاري لريتش وغرين، وجدت وزارة الطاقة التي كانت مسؤولة عن تطبيق القانون القائم، ان الطريقة التي تصرفت بها شركات كل من ريتش وغرين في هذه العمليات كانت سليمة.

3 ـ قام اثنان من افضل خبراء الضرائب وهما برنارد وولفمان من كلية القانون في جامعة هارفارد ومارتين غينزبرغ من مركز القانون في جامعة جورج تاون بفحص تلك العمليات وتوصلا الى ان الشركات تصرفت بطريقة «سليمة فيما يتعلق بضريبة الدخل الاميركية لجميع العمليات، وانه لا توجد ضرائب دخل فيدرالية او ضرائب اضافية متعلقة بالعمليات».

4 ـ من اجل تسوية قضية الحكومة ضدهم، دفعت الشركتان المملوكتان للرجلين ما يقرب من 200 مليون دولار غرامات وعقوبات وضرائب، ربما لم يكن معظمها مطلوبا طبقا لتحليل وولفمان/غينزبزغ بأن الشركات التزمت بالقانون وسجلت دخلا بطريقة صحيحة.

5 ـ رفضت وزارة الداخلية في عام 1989 استخدام قوانين الابتزاز في قضايا الضرائب مثل تلك القضية، وهو موقف اقرته افتتاحية وول ستريت جورنال ضمن مجموعة اخرى، انذاك. 6 ـ لقد فهمت ان موقف نائب المدعي العام اريك هولدر فيما يتعلق بطلب العفو كان «محايدا ويميل الي».

7 ـ لقد عرضت قضية العفو وتم الدفاع عنها ليس من قبل محامي البيت الابيض السابق جاك كوين فقط، بل عن طريق ثلاثة من كبار المحامين الجمهوريين: ليورنارد غارمنت المسؤول السابق في البيت الابيض في عهد نيكسون ووليام برادفورد رينولدز المسؤول الكبير في وزارة العدل في عهد ريغان، وليس ليبي رئيس هيئة موظفي نائب الرئيس الحالي ديك تشيني.

8 ـ واخيرا والاهم حث العديد من المسؤولين الاسرائيليين الحاليين والسابقين من الحزبين الاساسيين وزعماء الجاليات اليهودية في اميركا واوروبا على العفو عن ريتش بسبب مساهماته وخدماته للقضايا الخيرية الاسرائيلية والى جهود الموساد في انقاذ ونقل اليهود من دول معادية، ومن اجل عملية السلام عن طريق رعاية برامج التعليم والرعاية الصحية في غزة والضفة الغربية.

وفي الوقت الذي شعرت فيه بالانزعاج من تجريم التهم ضد ريتش وغرين، اردت ايضا ضمان قدرة الحكومة على متابعة اي قضايا متعلقة بوزارة الطاقة او الضرائب المدنية او غيرها من التهم المطلوبة او المتوفرة.

انا على علم ان شركات الرجلين قد سوت نزاعاتها مع الحكومة، ولكني لم اعرف ما هي المسؤولية الشخصية بالنسبة لوزارة الطاقة او غيرها من الانتهاكات. ولذا فقد طالبتهما بالتنازل عن حقهما في قانون التقادم المسقط في اي قضية قد ترفعها الحكومة ضدهما. وقبل ان اصدر قرار العفو، تلقيت من محاميهما خطابا يؤكد انهما تنازلا عن ذلك الحق الذي يمكن ان يثار بخصوص التطبيق القانوني للقوانين المدنية او العقوبات فيما يتعلق بالعمليات المدونة في عريضة الاتهام ضدهم في «المنطقة الجنوبية في نيويورك».

اعتقد ان قراري بالعفو كان في مصلحة العدالة. واذا كان الرجلان قد ادينا خطأ في المجال الاول فإن العدالة قد اخذت مجراها. ومن ناحية اخرى، اذا كانا يدينان بأموال بخصوص غرامات وزارة الطاقة او ضرائب لم تسدد او غرامات مدنية، يمكن رفع قضايا مدنية عليهما، كما حدث مع اخرين في اوضاع مماثلة، وهي نتيجة لم تكن ممكنة بدون التنازل عن حقوقهما طبقا لقانون التقادم المسقط، لانه من الممكن ان تنقضي الفترة القانونية وهما خارج الولايات المتحدة.

وفي الوقت الذي كنت فيه على علم بـ ووضعت في الاعتبار حقيقة ان المدعي العام للمنطقة الجنوبية في نيويورك لم يؤيد العفو، اعتقد الان ان العملية كان من الممكن ان تكون افضل اذا طلبت رأيها مباشرة. كما اشعر بالندم لانه لم يكن لدى هولدر وقت كاف لدراسة القضية. الا انني اعتقد ان الحقائق الجوهرية كانت مطروحة امامي، واشعر ان اعتبارات السياسة الخارجية والجدل القانوني يبرران التحرك للامام.

والاقتراح بأنني اصدرت قرار العفو لان مطلقة ريتش دنيز قدمت تبرعات سياسية وساهمت في صندوق مكتبة كلينتون زائفة تماما. ولم يكن هناك اي مقابل. وفي الواقع سعى اصدقاء وانصار ماليون لكي اصدر قرارات بالعفو في قضايا قررت، بعد اعتبارات دقيقة اعتمادا على المعلومات المتوفرة لدي، انه لا يمكنني اصدارها.

في الشهور القليلة الاخيرة لعهدي اتصل بي او كتب لي او التقيت بالكثير جدا جدا من الناس الذين طلبوا مني منح او على الاقل بحث امكانية منح العفو في عديد من القضايا. وتضم هذه المجموعة العديد من الاصدقاء وافراد الاسرة والازواج والزوجات السابقين والمؤيدين والمعارف واعضاء الكونغرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي والصحافيين والاغراب تماما. واعتقد ان الرئيس يمكن ويجب ان يستمع لمثل تلك الطلبات، وإن كانت لا يمكن ان تحدد قراره. يوجد محظور واحد: لا يمكن وجود مقابل. ومن المؤكد انه لم يكن هناك مقابل في تللك الحالة او غيرها من قرارات العفو او تخفيض مدة الحكم التي اصدرتها.

اني معتاد على خشونة المجال السياسي، ولكن الاتهامات الموجهة ضدي في هذه القضية كانت مؤلمة، بصفة خاصة لانني وخلال 8 سنوات من الحكم بذلت جهدا كبيرا لاتخاذ قرارات جيدة من اجل الشعب الاميركي. اريد من كل اميركي ان يعلم انه، وإن كنت تعترض على مثل هذا القرار، فقد اتخذته طبقا لاستحقاقاته كما رأيتها. واتحمل كل المسؤولية.

* رئيس الولايات المتحدة السابق