الحيوان الظريف

TT

إنني اعتقد أن قطّتي «هوني» تجيد القراءة. لا أدري بالنسبة للكتابة، ولو أنني غالباً ما ألاحظ أن كثيراً من المقالات التي أجدها في الصحف العربية توحي لي بأن «هوني» هي التي كتبتها. وإن لم تكن هي بالذات، فربما قطة أخرى أو جرذي أو خنفسانة. لم أر «هوني» تكتب، لكنني واثق أنها تقرأ، فكلما حاولنا أن نقتصد في مأكولاتها ونختار علبة رخيصة، تنظر إلى العلبة ثم ترفض أن تأكل منها وتخرج من البيت، ولا تعاود الأكل عندنا حتى نأتيها بعلب غالية فتقرأ السعر وتطمئن من النوعية. فالقطط كالمرأة تعتقد أنه كلما غلا سعر الهدية ارتفعت قيمتها ونوعيتها.

قصص الحيوانات ظريفة دائماً، وكذا قصص السكارى ومصائبهم. وعندما يمتزج السكر بالحيوان، تحصل على أطرف وضع ممكن. وهذا ما جرى في متنزه بحيرة بيكر قرب مدينة سيتل، لاحظ أحد حراس المتنزه دباً مستلقياً على ظهره غارقاً في نوم لذيذ تحت أشعة الشمس الدافئة. تصوره ميتاً واستغرب من أمره عندما سمعه يشخر في نومه، ثم لاحظ على مقربة منه دزينة من علب البيرة، وكلها مفتوحة وفارغة. اقترب الحارس من فم الدب ليشم أنفاسه على نحو ما تفعل أية امرأة يسيئ زوجها السلوك معها. فلاحظ رائحة الكحول في أنفاس الدب، أصبحت القضية واضحة، هذا دب سكران طينة.

ولدى التحقيق مع حانة المتنزه، تبين أن صاحب الحانة يفقد كل يوم عدداً كبيراً من قناني البيرة من دون أن يعرف سر اختفائها، فاتهم الخدم، لكن الآن تبين الحق من الباطل، كانت الدببة هي التي تسرق قناني البيرة، واكتشفت طريقة شاذة في فتحها وشربها. يظهر ان عددا من الدبلوماسيين العرب قد زاروا المتنزه وشربوا البيرة بهذه الطريقة فتعلمت الدبب منهم، ومنهم ايضا تعلمت اختيار العلب الغالية ماركة رينيير، وهذا ما يوحي ايضا بأن هذا الدب كان يحسن القراءة فلا يمس إلا العلب الغالية الثمن والعالية في نسبة الكحول.

اضطر الحارس إلى استدعاء الشرطة لنقل الدب إلى قفصه الخاص، لكن تبين بعد آونة أنه أخذ يمرض ويذبل ويفقد الشهية للأكل والجماع، لقد ابتلي بالإدمان على الكحول واضطرت إدارة المتنزه إلى إرساله إلى مصح لمعالجته وفطمه من التعلق بالبيرة. أخذوا يعطونه أولا بيرة خالية من الكحول، لكن من دون فائدة، كان يقرأ على العلبة «خالية من الكحول» فيرفسها برجله ويبول عليها، وتفكر إدارة المتنزه الآن بجلب منوم مغناطيسي يعالجه ويشفيه من الإدمان على البيرة.