قلت .. وقالوا!

TT

بعد أن تبحر طويلا في عالم الكتابة، وتقرأ الكثير من الكتب والصحف، وتراقب وتلاحظ المدارس الصحافية، من الاهتمام بالرأي ثم الاهتمام بالخبر ثم بالعودة الى صحافة الرأي، بعد ان استولى التلفزيون على الخبر وجعله متاحا ساعة حدوثه وليس ساعة صدوره كما كان الماضي. عندما تمر شخصيا بتجربة الكتابة المتصلة بثلاثين او اربعين عاما، وبعد ان تركب الموج وتجتاز بحارا وبحارا على رأي نزار، بعد كل هذا ستجد ان الاختصار والايجاز والاقتصاد في استخدام الكلمات هو ضالة كل صحافي وكل كاتب، وستجد ما قاله الشاعر العباسي البحتري «خير الكلام ما قل ودل» هو الصحيح!

إننا جميعا نطرب لجملة واحدة يقولها فيلسوف او حكيم، جملة مختصرة تقطرت فيها الكلمات وتبلورت وتعطرت واستحكم المعنى في اللفظ واستحكم اللفظ في المعنى. قطعة من الماس تم خرطها وصقلها وتلميعها لتخطف الابصار وتذهل العقول. انها مقالات طويلة تم تقطيرها، وكتب كاملة وضعت في برشامة، وحكمة عمر وضعت في كبسولة.

ونحن نعتز بحكمة الشعوب في امثالها، لأن الامثال هي خلاصة تجارب الشعوب تصل اليها بنظرتها وثقافتها وترى فيها الهداية عندما تضطرب الامور وتتعثر الآراء وتتضارب الاقوال. يقول الميداني في كتابه الشهير «مجمع الامثال» انه قرأ خمسين كتابا ليخرج منها بالخلاصة، وتصور كيف جمع الميداني هذه الكتب منذ ألف عام تقريبا عندما كان تأليف كتاب ثم كتابته باليد يستغرق اعواما كثيرة. فالرجل اذن اجهد نفسه وبذل جل وقته من اجل العثور على ضالته، اي امثاله او خلاصة حكمة الاوائل.

وكتاب «قلت.. وقالوا» هو ايضا خلاصة مئات الكتب والمقالات ومختلف انواع القراءات، ومشاهدة الافلام والمسرحيات والاستماع الى العلماء والفقهاء، واختيار الافضل من كل ما كتبه مؤلفه، هذا بالاضافة الى روح السخرية والفكاهة والمرح وصناعة المفارقات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، وقد استغرق ذلك كله اكثر من ثلاث سنوات من العمل الشاق.

وآسف لأنني نسيت ان اقول انني مؤلف الكتاب، او جامعه او صاحب اختيار ما فيه واعادة صياغته.. الى آخره. لكنني لا انسى فضل الاستاذ شكيب محمد سعيد الذي لولاه ما خرج الكتاب بهذه الصورة المحترمة. ولن انسى فضل الفنانة السعودية ليندا محمد التي لولا خطوطها ولوحاتها لما خرج الكتاب بهذا الجمال والحيوية.

واذا كانت السطور السابقة اعلانا عن الكتاب فسوف ادفع ثمن هذا الاعلان.

[email protected]