الحواريون..

TT

نعم السعوديون باتوا حواريين، والمقصود هنا أنهم باتوا من أهل الحوار. جولة أخرى من جولات الحوار تسدل ستارها على من شارك فيها. الصحف تبرز أهم المداخلات المثيرة التي حدثت، ومن بعد ذلك يلتقي بعض المشاركين بولي العهد، وتعلن التوصيات التي صدرت عن اللقاء. هذه أهم العلامات التي تعود عليها المواطن بعد كل جولة من جولات الحوار.

الحوار الوطني هو خطوة ممتازة ولا شك، وتحسب لصالح الدولة بقيامها على خطوة حيوية كهذه. ومن الواضح أن السبب الرئيسي لهذه الجولات، هو توعية التيارات المختلفة في البلاد، وكسر الحواجز النفسية له للتعامل مع المذاهب الأخرى، ومع المرأة وغير ذلك من المواضيع. ولقد تم الإعلان عن بعض التوصيات، ولكن الغريب أن التوصيات التي أعلنت في آخر ثلاثة لقاءات لم تكن بالضرورة تعكس مطالب التغيير المنشودة، ولكن فقط الأفكار الموجودة في البلاد وهذه الأفكار تبقى دون فعالية إذا لم يقنن وينظم لها الواقع العملي ليطور المجتمعات للتعامل معها والقبول بها.

واليوم أعلن عن جولة خامسة لجلسات الحوار، وسيكون موضوعها عن العلاقة مع الآخر، والآخر هنا حسب ما فهم هو الآخر المختلف عنا، الغربي، المسيحي، اليهودي، البوذي، المجوسي، الملحد، الهندوسي، السيخي، أو بتحديد جنسيات الاميركي، البريطاني، الصيني، الروسي، الصربي، الهندي كأمثلة هذا بمفهوم أن العلاقات الإسلامية المذهبية قد تم التطرق إليها، وتم بالتالي فتح ملفاتها.

وستكون هذه الجولة مهمة هي الأخرى في التطرق للقضايا الحساسة والحيوية. ولكن ما الذي سيحدث بعد أن يكون قد تم التطرق إلى المواضيع المهمة والعاجلة (وهي التي قد تم بحثها للآن). فمن غير المتوقع أن تستمر مواضيع الحوار في التفتيت لفئات المجتمع أطياف ـ نساء ـ شباب وهكذا، لقد بات مطلب تفعيل التوصيات، وتفعيل التحفظات الموجودة على التوصيات أيضا مهما وضروريا.

الحوار بحد ذاته كان من قبل مغيبا عن الساحات الإعلامية والثقافية، وكان الطرح دوما أحاديا، وليس ثنائي الاتجاه، والآن ها هو يظهر وبقوة، ولكن لكي تكون له فعالية أكبر وأثر أهم لا بد من توسيع قاعدة الانتشار لمجريات الحوار، وإشراك التلفزيون في بعض جلساته، كما حدث في جلسات مجلس الشورى مؤخرا.

القضايا المطروحة في جلسات الحوار هي قضايا تهم الجميع، وإذا كان التعاطي فيها يتم عبر مجموعة منتقاة، فهذا لا يمنع بوجوب توسيع دائرة الاستفادة بشكل أفضل. الحوار هو وسيلة وليس غاية، ولتحقيق الغاية المطلوبة، من المتوقع أن يكون للتوصيات المعتمدة، دور فاعل في أقرب وقت، وأن يكون للمجتمع السعودي الكبير حضور ولو من خلال وسائل الإعلام التفاعلية، وحينها تبدأ ظهور فوائد الحوار للكل، بدلا من تناوله بشكل نخبوي ومؤقت. الحوار الوطني خطوة مهمة وتفعيل نتائجه هو الخطوة الأهم.