رشة غرام

TT

مارلين مونرو ادخلت عطر شانيل رقم خمسة التاريخ . وكوكو شانيل ابتكرت به في عام 1921 حالة لا تعرفها الا النساء.

سئلت مونرو : ماذا ترتدين عند النوم؟ وكان ينتظر ان تكون الاجابة عن الحرير او الساتان او القطن. ولكن مونرو قالت بتلقائية : شانيل رقم خمسة. والطريف ان شانيل منحت ذلك العطر اسمها وارفقته برقم خمسة لأنه كان رقم الحظ في حياتها. ورغم مضي اكثر من 80 عاما على ابتكاره ما زال هذا العطر بالتحديد يمثل استمرارية الحالة واستمرارية الحظ. فهو العطر الاكثر مبيعا في العالم .

لم اعرف في حياتي امرأة لا تحب العطر. حتى جدتي التي كانت شديدة النحول وشديدة البأس كانت تحتفظ بقارورة عطر زرقاء اللون ذات سدادة من فضة.

الاستمرارية هي كلمة السر. فعلى الرغم من التقدم التكنولوجي في الصناعة عامة وفي صناعة العطور ايضا ما زالت اساليب تقطير الزيوت العطرية التي ابتكرها العرب في الزمن القديم مستمرة. كما ان بعض العناصر التي تدخل في صناعة العطور ايضا قديمة قدم الحضارة مثل اللبان والبخور والمر. وقد سبق العرب المصريون القدماء الذين استخدموا النباتات العطرية في فن التحنيط والطبابة والتدليك والتجميل. والزائر لمدينة جراس الفرنسية، مركز صناعة العطر التي يرجع تاريخها الى العصور الوسطى، يستقبله متحف دولي للعطور يستعرض تاريخ تلك الصناعة على مدى 3000 عام وتحظى فيه مصر القديمة بنصيب الاسد.

وليس عطر شانيل رقم خمسة هو العطر الوحيد الذي يحمل الينا اقصوصة. كل عطر جميل له قصة، ربما لأن العطر الجميل هو الوقود الذي تعمل به ماكينات الخيال فينطلق مبدعا ومفكرا ومبتكرا . فها هو الكاتب الايرلندي الشهير اوسكار وايلد يقول ان المسك يحير المخ والبنفسج يحيي ذكرى قصص الحب القديمة. اما الكاتب الفرنسي مارسيل بروست فقال ان العطر هو افضل مستودع لذكريات الماضي، وحين تجف كل الدموع في المآقي يمكن لعطر أن يبكينا مرة اخرى.

العطر سر الحلقة التي تربط المادية بالمعنوية . وهو احد أدوات الوعي ايضا. فنحن مخلوقات تفرز وتستنشق الروائح ما دامت حية. كل انسان يشم ويشم بحاسة قوية ومركبة. أنفك يحتوي على آلاف الاعصاب الشمية. وبينما يتذوق اللسان الحلوَ والمرَّ والمالحَ والحمضيَ فإن حاسة الشم ترتبط لا بالطعام وحده ولكن بالصحة والعواطف، ايضا. رشة عطر تؤدي الى افراز مواد كيميائية في المخ في ظرف اربع ثوان بحيث تعتريك حالة انشراح وانسجام مزيل للتوتر.

منذ فترة اكتشفت ان رائحة خشب الصندل تملأني انشراحا وحبورا. فأصبحت اشتري الصابون المعطر بخشب الصندل والعطر الذي يدخل في تركيبه زيت الصندل. ولم اكتشف سر هذا الإقبال إلا وانا اجري بحثا صغيرا قبل كتابة هذا المقال. اكتشفت ان من خواص خشب الصندل انه مضاد للحساسية. وانا واحدة من خلق الله الذين يعانون من الحساسية في ظل الحياة في مدينة صناعية كبرى.