وقت للدموع

TT

تنهمر الدموع من عيوننا ولا نعرف لها سبباً، ولا تفرق الدموع بين الرجل والمرأة أو بين رئيس دولة وشخص عادي. وآخر نوبة بكاء كبيرة وطويلة انهمرت خلالها دموع العالم حدثت عقب وفاة الأميرة ديانا «أميرة القلوب». والدموع هي موضوع العديد من الأغاني، وهي موجودة بين سطور الرواية الأدبية والقصيدة الشعرية وفي مشاهد الفيلم السينمائي والعرض المسرحي.

تذرف الحيوانات الدموع، لكن عند احتكاك العين بما يثيرها ويهيجها، لذلك فإن البكاء في حالتي الفرح والحزن هو شيء من خصال الإنسان فقط. ومع أننا جميعاً نشترك في البكاء إلا أن القليل منا يفهم سبب انبثاق الدمع من العيون، الأمر الذي جعل بعض الباحثين يقومون بدراسة ظاهرة الدموع أو البكاء.

درجة حدة البكاء تختلف بين الرجال والنساء، كما تختلف أيضاً بين إنسان وآخر وفقاً للاختلاف بينهما في التقاليد الاجتماعية والحالة الفسيولوجية. وقد أشار الباحثون إلى أن الخلايا المفرزة للدموع في الغدد الدمعية تختلف عند الرجال منها عند النساء، وأوضحوا أنه بسبب زيادة هورمون البرولاكتين عند النساء بنسبة 50% إلى 60% أكثر من الرجال، فإن المرأة تذرف من الدموع أكثر مما يذرفه الرجل.

والدموع باقية ما بقي الإنسان، فهي أكثر وسائل الاتصال فاعلية خاصة بين الرجال والنساء، وهي سلاح تشهره المرأة في وجه الرجل في أي وقت وعند الحاجة. والدموع كذلك من أفضل الوسائل التي يستخدمها الأذكياء للحصول على احتياجاتهم، لكن الإنسان الذكي هو الذي يعرف جيداً أين ومتى يذرف الدموع، لأن انهمار الدموع في أي وقت يضعف من فائدتها لصاحبها ومن تأثيرها على الآخرين.

يقول المثل الألماني «مثلما الصابون مهم للجسم كذلك الدموع للروح»، فالإنسان يشعر بتحسن بعد البكاء الذي يغسل المواد الكيميائية التي أفرزها الجسد نتيجة الإرهاق والتوتر بعد مشاعر الحزن والفرح القوية. ولأن الدموع التي يذرفها الإنسان عند البكاء تحتوي على مادة كيميائية يفرزها المخ تعرف باسم الأندروفين، فهي عامل ملطف ومسكن يشعر الإنسان بالراحة.

ينقي البكاء المخ ويصفي الذهن لأن المشاعر المكبوتة التي لا يتم إخراجها أو التعبير عنها تسبب نوعاً من التشوش تجعل الإنسان غير قادر على التفكير السليم والتعامل مع المشكلات التي تواجهه وعلى البحث عن حلول لها.

وإذا كانت للبكاء فوائد كبيرة، فإن هذه الفوائد يجب ألا ينظر إليها باعتبارها دعوة للبكاء، بقدر ما يجب أن ينظر إليها باعتبارها دعوة للتعبير عن المشاعر والأحاسيس وعدم كبتها داخل الجسد. والبكاء بالتالي ليس حالة مرضية بل هو في حد ذاته أقرب إلى أن يكون دواء شافياً، ومع ذلك فإن البكاء يعدي، ومن ثم إذا لم تكن تريد البكاء فعليك ألا تتواجد أمام شخص يبكي وإلا أصابتك العدوى. فالحزن كالفرح.. معد.