قمة المنامة

TT

حمل الشيخ جميل الحجيلان الى الامانة العامة في مجلس التعاون، في ما حمل، خبرة عشرين عاما من العمل الديبلوماسي في باريس خلال قيام الوحدة الاوروبية الكبرى. وعندما تولى الامانة العامة قال منذ اللحظة الاولى وظل يقول الى حين خروجه، انه سوف يعمل من اجل هدف واحد هو المسار الاقتصادي. وكان الرجل الذي تنقّل في سياسات الخليج وديبلوماسيته يقول بكل بساطة، ان الامانة العامة لن تدّعي او تقرب دورا ليس لها. فالقرار السياسي في يد القادة والحكومات، ولذلك سوف تكرس كل عملها من اجل تطوير الوحدة الاقتصادية بين دول مجلس التعاون.

الاقتصاد كان الباب الاول والاخير للوحدة الاوروبية. ولذلك استغربت موقف الزميلين العزيزين عبد الرحمن الراشد واحمد الربعي من ان الخلاف الاقتصادي في قمة المنامة هو دليل صحي ودلالة عافية. اني لا استطيع ان اتبين أي عافية في أي خلل. ومن ثم قرأت لوزير النفط الكويتي السابق علي البغلي تصريحا للفرانس برس يقول فيه ان «ما حصل في قمة المنامة يمثل تحولا يعكس تقليص دور المملكة العربية السعودية، الشقيقة الكبرى، داخل منظومة مجلس التعاون».

اتمنى ان الاستاذ البغلي، المعارض الازلي لكل شيء، لا يقول ذلك بابتهاج. فتقليص دور السعودية في المجلس يحوله الى ناد سياسي، وملتقى اقتصادي اضعف بكثير كثير من المنتديات التي تقام في دبي. وربما كان من اللياقة التمهل قليلا قبل الابتهاج. فلو ان العالم اجمع، بما فيه اميركا، اصبح الشريك الاقتصادي الاول للبحرين، فان ذلك لن يكون في حجم الشراكة السعودية للجزيرة. او بالاحرى لم تعد جزيرة منذ ان اقامت السعودية جسرا اليها يؤكد علائق الود القائمة منذ اكثر من قرن على الاقل. فالسعودية، التي كانت اول واهم وافعل من سعى الى استقلال البحرين، كانت ايضا اكثر من حافظ على هذه الاستقلالية واحترمها ودعمها في وجه كل محاولات الانتقاص او التعدي. ولم تحظ دولة جارة اخرى بما حظيت به البحرين من عناية وود. ولا اعتقد ان لأي مواطن خليجي عادي تلك المكانة التي للبحرين عند المواطن السعودي العادي. ومثل هذه العلاقة لا تنشأ في يوم ولا تثبت في سنة.

لذلك يدرك الدكتور البغلي ان المسألة ليست مسألة «تقليص» الدور السعودي في المجلس. المسألة هي هل يكون هناك مجلس تعاون من دون الدور السعودي. ربما الافضل ان يسأل الامين العام الاول عبد الله بشارة. او الامين العام الحالي وهو ديبلوماسي قطري.

ان موقف البحرين ليس مسألة للابتهاج كما يراها البغلي، ولا دليل عافية، كما يراها مفكران سياسيان شديدا الاطلاع وخصوصا في قضايا الخليج. انه للاسف الشديد، خطوة لا تشبه البحرين التي اعرفها واحبها منذ اربعين عاما. فالبحرين قبل أي شيء طيبة وبساطة ومحبة، لهذا احبها الناس ولهذا قدموها. والاتفاقية الموقعة لن تغني الجزيرة ولن تفقر السعودية. وقد ينساها غدا الموقعون. لكن المسألة هي ان البحرين طيبة ومحبة اولا. لا اتفاقات.