مقطوع الخلفة

TT

قال المريض للطبيب النفسي: «لقد عملت بنصيحتك، فأبعدت ضغط العمل عني واتخذت لنفسي بعض الهوايات واسترخيت، وكانت النتيجة أنني طُردت من العمل».

ـ يستاهل.

**

«يراودني أحياناً أننا وحيدون في الكون، وأحياناً أخرى يراودني خلاف ذلك، وفي الحالين تذهلني الفكرة».

ـ يا ليتني أنا من دون سواي الوحيد في هذا الكون أعزف على كيفي وأغني كذلك (وأشطح) (وأرمح) وأخط على الرمل وأمحو وأشعل الحرائق بالغابات ولا أطفئها وأعبر المحيطات سباحة ولا أغرق وأنطلق بين الكواكب كأي قرصان ولا يصيبني أي شهاب وإذا خطر ببالي أن أستدعي أو أستحضر أحداَ من الإنس أو الجن ليسليني (ويشرح خاطري) صّفقت تصفيقا واحدا ليحضر في لمح البصر مَنْ أردته ثم إذا أردت ذهابه أتبعته بآخر.. ما أروع أن يكون المرء (على مزاجه) وليست هناك عين ترمقه ولا كتف تزاحمه على باب ولا انف يشاركه (بالأوكسجين) ولا مخاتل يتبع خطواته ولا ثقيل ظل يريد أن يرمي نفسه في أحضانه.. لكن بحكم أنني من (المحتمل) لا أستطيع أن أكون كذلك فسيان عندي أن نكون وحيدين في هذا الكون أم أن هناك من يشاركنا فيه والفكرة من أولها إلى آخرها لا تذهلني وإنما تصيبني بالإحباط.

**

«لا يمكنك أن تخفف من وزنك ما دمت تتحدث عنه فاحتفظ إذن بفمك مطبقا».

ـ أنا لا أريد أن اخفف من وزني لأنه لا شيء فيه يستحق أن يخفف إلا (شحمة أذني) لهذا يحق لي أن أتحدث بملء فمي ولا أخشى أي عاقبة.. أما بالنسبة للأكل، فالأكل عندي هو مجرد تأدية واجب لكي لا أموت كما انه حبّ استطلاع وآخذ زمام المبادرة لانتقاد كل طباخ أجهد نفسه بكل ما هو مشوي ومقلي ومحشي ومتبل ومملح وحراق (ومطرشن).. وما أكثر من تذوقت أكلهم ولعنوا اليوم الذي طبخوا لي فيه وما أكثر ما عقدتهم وأظهرت النواقص في أطباقهم التي يفتخرون بها.. وهذا النقد (غير البناء) من قبلي لكل طباخ يبعث في نفسي ما يشبه الانتصار على ذلك المثل الذي يقول: «نحن نعيش من أجل أن نأكل»، وأنا أقول: إنني آكل فقط من اجل أن أعيش ومن اجل أن احقق أهدافي الدنيوية الغالية منها والرخيصة.

**

«بيت بلا امرأة بئر بلا دلو».

ـ ودلو بلا بئر رجل تائه في الصحراء إلى الأبد، وبالتالي فهو مقطوع الخلفة ـ وبيني وبينكم (أريح له).