اغضبوا.. ولكن سامحونا!

TT

استوقفني تصريح أمين جامعة الدول العربية السيد عمرو موسى الذي كشف فيه انه يدرس إمكانية قيام الجامعة بوساطة بين السعودية وليبيا، لتدارك آثار محاولة اغتيال ولي العهد السعودي الفاشلة، التي خطط لها الليبيون.

يطالب عمرو موسى في التصريح الذي نُسب له، بـ«التعامل مع الأزمة بشكل حكيم وعدم تصعيد الحملات السياسية والإعلامية» بين الرياض وطرابلس، من أجل تهيئة الأجواء للوساطة.

جاء هذا التصريح في نفس اليوم، الذي تحدث فيه وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد من العراق، عن بعض وسائل الإعلام العربية التي وصفها بأنها «تنقل بشكل منهجي أنباء غير دقيقة بسوء نية» عن العراق، موضحا أن ذلك «يضر بجهودنا ـ قاصدا أميركا ـ، في الحصول على دعم الدول المجاورة» حسب قوله. والسؤال هنا ما الفرق بين هذين التصريحين؟

الإجابة بكل بساطة، هي انه في حال فشلت جهود الجامعة العربية وأمينها في الوساطة بين الرياض وطرابلس، فكل ما سوف يحدث هو بقاء سفيري البلدين في بيتيهما، و«يا دار ما دخلك شر»، كما يقول المثل. لكن ماذا لو فشل الوضع في العراق؟ بالطبع سوف يلد الشر شرا، ويصبح العراق، الوطن، وشعبه الضحية. وحري عن القول إن دول المنطقة وأمنها واستقرارها، سوف تكون ضحية أيضا.

لذا نقول، وللمرة الألف، إن الإعلام قد يتحول الى أداة قتل بحق العراق والعراقيين، وبحق أمننا. فمعركة تنظيم «القاعدة» في المنطقة مع الأميركيين ليست معركتنا، ولا معركة أجيالنا لكي يُفْرِدَ لها الإعلام كل هذه المساحات. فلا حياد مع الإرهاب. كما أن فشل الجهود لإعادة الأمن في العراق، ليس الخطوة التي تداوي الجرح العراقي والعربي، وتؤدي إلى خروج القوات الأميركية من بغداد، وكل العراق.

اذا كان الاعلام قادرا على إفساد وساطة بين دولتين لا تربطهما حدود، ولم تطلق إحداهما المدفعية على الأخرى، فماذا عساه أن يفعل في دولة ملتهبة الجراح، وترابها تغطيه دماء الأبرياء من العراقيين؟

لا نقول كمّموا الأفواه، أو لا تنتقدوا هذا أو ذاك، في الحكومة العراقية، أو لا تشككوا في صحة الانتخابات المرتقبة في العراق، لكننا نطالب بقليل من المسؤولية، وكثير من العقلانية. فهل قتل إمرأة عراقية مقاومة تستعيد أمن العراق؟ وهل الهجوم على الانتخابات العراقية القادمة، سببه أنها لا ترقى لمستوى الانتخابات في العالم العربي؟

لذا سامحونا، سنراقب الإعلام، ونرصد عثراته وننتقده، وأنتم بدوركم افعلوا معنا ما ننوي فعله بزملائنا وأنفسنا. فأنتم الرابحون أولاً وأخيراً. فاذا كان من يأمن العقوبة يسيء الأدب، فإن من يأمن رقابة المتابعين يستمرئ الكذب..!