عن الهلال الشيعي

TT

هناك مخاوف وشكوك في أوساط عديدة في بلاد الشام ومصر والمغرب العربي ، من الشيعة في العراق ودول الخليج. وهذه المخاوف تبدو مبررة ، لعدم فهم الظاهرة الشيعية على حقيقتها، فهناك اعتقاد أن الشيعة هم امتداد لإيران ، وهناك من يعتقد أنه إذا أمطرت السماء في طهران رفع شيعة المنطقة قبعاتهم.

شيعة العراق مثلا ، وهم غالبية الشيعة في الخليج ، لم يتصرفوا يوما واحدا باعتبارهم إيرانيين. بل كمواطنين عراقيين. وشيعة دول الخليج لم يتصرفوا كإيرانيين ، حتى في تلك اللحظات العصيبة التي تم فيها تحويل الحرب العراقية إلى حرب طائفية ، من خلال أطروحات متشنجة في طهران حول تصدير الثورة ، وأطروحات عنصرية لنظام صدام ضد «الفرس المجوس»..!

هناك خلط بين انتماء بعض الشيعة إلى مرجعيات في إيران من الناحية الشرعية ، وبين ولاء هؤلاء لإيران ، والفرق كبير ، فهناك باكستانيون وهنود ولبنانيون، يتبعون مرجعيات في إيران دون أن يكونوا إيرانيين.

إيران من جهتها فشلت في إقامة نظام إسلامي ، يمكن أن يكون نموذجا للشيعة أو غيرهم ، فالأزمة الاقتصادية الطاحنة والبطالة والفساد المالي ، وغيرها من الظواهر، أسقطت المشروع ـ النموذج ، الذي كان يمكن أن يحتذى ، وهو ما أفشل بعض الأطروحات الشيعية المتطرفة ، التي حمل لواءها بعض الغلاة من الشيعة في العراق ودول الخليج ولبنان وغيرها.

كل المخاوف من هلال شيعي في المنطقة لا أساس له من الصحة، وإذا كان الحديث حول العراق ، فإن المجتمع العراقي في تاريخه الحديث لم يشهد مظاهر طائفية ، ولا عنفا أو اقتتالا طائفيا بين السنة والشيعة. وكذلك الحال في دول الخليج.

ليت بعض الأشقاء العرب يرحمون العراق ودول الخليج من الأطروحات الطائفية ، مرة بالحديث عن الشيعة وكأنهم جالية أو أقلية وليسوا مواطنين ، ومرة أخرى بالنفخ في الخطر الشيعي المزعوم ، وفي كلا الحالتين ، هناك سوء فهم للواقع ، يستحق أن نأخذه بكثير من الرفق وعدم التسرع.