لجان تنتظر الإصلاح

TT

واقعة يحصل مثلها في جهات مختلفة بصورة متكررة. أمام إحدى اللجان القضائية التي تتبع إحدى الوزارات، يمثل المعنيون بالأمر أمام اللجنة التي تصدر حكمها النهائي والمؤيد للحكم الابتدائي، وذلك قبل تقديم أي نوع من الدفوع. اضافة الى ذلك كانت تردد أن لا شيء ينفع في تعديل الحكم الذي توصلت اليه اللجنة في تأييد الحكم الابتدائي الصادر وذلك بسبب وجود تعليمات وتوجيهات قوية للتشديد في هذا النوع من القضايا!

أن تحكم اللجان القضائية التابعة للوزارات كلجنة متابعة الغش التجاري ولجان الفصل في الأوراق التجارية في وزارة التجارة واللجان الجمركية في وزارة المالية، بهذا الشكل وبناء على تعليمات وتوجيهات من وزير أو وكيل أو المسؤول المختص في الجهة الحكومية المعنية أمر غريب وعجيب وغير مقبول، إضافة إلى أن فيه مضيعة وهدرا هائلا للعدالة وأيضا لنظام المرافعات الشرعية، الذي حين يتعامل ويتكلم عنه أعضاء اللجنة يظهر جليا عدم معرفتهم بحيثياته وغاياته وأهدافه وبالتالي هشاشة قناعتهم به.

وهذا يعني بطبيعة الحال وجوب وضرورة إلحاق جميع أعضاء اللجان القضائية بمختلف درجاتها الى دورات قانونية مركزة من قبل خبراء في المجال كقضاة التمييز وأساتذة نظام المرافعات لكي يكون لديهم الإلمام الكافي والمطلوب في حدوده الدنيا لضمان متطلبات ومقومات العدالة للجميع وذلك الى أن يتم تعديل الهيكل القضائي برمته لتكون اللجان القضائية هذه من ضمن الاختصاص النوعي لجهة ديوان المظالم.

هناك حقوق واضحة وصريحة نص عليها نظام المرافعات بالسعودية ولا يعمل بها، حقوق من شأنها أن تجعل كفتي العدالة في توازن سليم. وهذه الحقوق التي كفلها النظام سواء للمدعين أو المدعى عليهم يجب أن تكون معروفة وممارسة من قبل أعضاء اللجان القضائية أو اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي. علما بأن هذا النظام صدر رسميا من أعلى سلطة في البلاد وتم نشره والتدريب عليه ومقر به في جميع المحاكم الشرعية، إلا أن اللجان القضائية لا تزال تعمل في فلك مستقل ووفق تعليمات وزاراتها الداخلية وليس طبقا للنظام، ويساعدهم على ذلك أنهم موظفون إداريون ولم يكونوا قضاة أو ذوي اختصاص قضائي.

ويظهر هذا بشكل طريف حين يتعرض مسؤولون تقع في اختصاص وزاراتهم لجان قضائية لأسئلة محددة من إعلاميين أو متابعين فتكون الإجابة بأنه قد «تم إصدار تعليمات صارمة بتشديد العقوبة والحكم بأقصى ما هو منصوص عليه في النظام»، وهذه حالة عامة موجودة عند معظم اللجان.

تحقيق العدالة هدف مهم وعظيم ويجب أن يكون نصب أعين الجميع ولا بد أن يطال الإصلاح القضائي المنشود والذي طال انتظاره كل القضايا في المحاكم الشرعية وديوان المظالم ومختلف اللجان القضائية واللجان الادارية ذات الاختصاص القضائي.

العدالة والمساواة بين جميع فئات المجتمع أمل يحيا لأجله الكثيرون وتحقيق الاصلاح القضائي الفعال هو خطوة جادة لانجاز ذلك.