وإذا الإرهاب انتصر!

TT

المتحمسون لأعمال العنف والارهاب في العراق ، هم تحديداً القومجية العرب والاصوليون المتطرفون، عرباً واعاجم. ومن بين المساوئ الكثيرة التي تجمع بين هذين الفريقين قصر النظر السياسي ـ بل انعدامه في الغالب ـ والتخلف العقلي.

وبسبب هاتين العاهتين ، لا يدرك هذان الفريقان ان حماستهما لأعمال العنف والارهاب في العراق، لا تتوافق مع الشعارات التي يرفعها كلاهما، فهذه الاعمال إن نجحت في تحقيق هدفها، لن تسفر نتائجها عما يعلنه القومجية العرب والاصوليون المتطرفون من شعارات.

ما الذي يمكن ان تنتهي إليه اعمال العنف والارهاب في العراق؟

من سابع المستحيلات ان تحقق هذه الاعمال لفلول نظام صدام ـ الطرف الرئيس في هذه الاعمال ـ إعادة عقارب الساعة الى الوراء ، وإحياء نظامهم الذي اصبح رميما. ومن سابع المستحيلات، كذلك، ان تتحقق لشراذم «القاعدة» ، بمسمياتها المختلفة ، أحلامها المريضة في إقامة نظام طالباني في العراق.

اقصى ما يمكن ان ينجزه «المقاومون» البعثيون والزرقاويون، ومعهم عصابات الجريمة المنظمة، السيطرة على ما يسمى بـ«المثلث السني»، واقامة كيان سياسي مشوه فيه.. هذا اذا ما استطاع هذا التحالف الهجين ان يجترح معجزة هزيمة 150 الف عسكري اميركي ، ومعهم قوات الحكومة العراقية المتنامية ، واذا لم ينزلق هذا التحالف الثلاثي المتنافر الى هاوية صراع دموي ، في ما بين اطرافه على السلطة غداة استتباب الامور له ـ افتراضا بالطبع ـ في المثلث المحدود.

اما باقي اجزاء العراق ـ اذا ما تحقق هذا السيناريو المستحيل ـ ، فستنقسم بين كيان كردستاني قائم فعلا في الشمال ، وكيان شيعي في الجنوب لن يعدم مقومات الكينونة ساعتها.

الكيان البعثي ـ الطالباني ـ الإجرامي الذي سينشأ ـ افتراضا دائما ـ في «المثلث» السني ، لن يستطيع التمدد الى اقليم كردستان، فالاكراد اعدوا العدة للدفاع بكفاءة عن انفسهم وكيانهم ، الذي توطد على مدى الثلاثة عشر عاما الماضية. وما لم يستطعه نظام صدام بكل جبروته لن يقدر عليه فلوله وحلفاؤهم.

وفي الجنوب سنشهد على الفور ـ اذا ما تحقق المستحيل ـ قيام كيان شيعي لن يعدم القوة العسكرية اللازمة للدفاع عنه. فالاحزاب الاسلامية الشيعية لديها ميليشياتها المتحفزة لأي طارئ من هذا النوع . واذا ما لزم الامر، فان الحرس الثوري الايراني جاهز للتدخل بكثافة ، تحت شعار الدفاع عن الشيعة او حماية مراقدهم المقدسة.

اذن ، فأقصى ما يمكن ان تنجزه حماسة القومجية العرب والاصوليين المتطرفين، عربا واعاجم، ودعمهم المالي واللوجستي والسياسي والاعلامي للارهابيين في العراق، هو تجزئة العراق الى ثلاثة كيانات ـ ناهيك عن الحرب الاهلية المحتملة في هذه الحالة ـ ، بينما الشعار الذي يتشدق به هؤلاء المتحمسون الداعمون للارهاب في العراق ، هو الحفاظ على وحدة العراق ارضاً وشعباً وكياناً سياسياً وضمان سيادته واستقلاله.

ولانهم قصيرو النظر بل عميان ، سياسيا ، ومتخلفون عقليا ، لم يدرك القومجية العرب واصحابهم الاصوليون المتطرفون ، لم يدركوا هذه الحقيقة ، ولن يدركوا أي حقيقة اخرى ، ومنها ان لا مجال البتة في العراق بالذات لأحلام المحمومين التي تسيطر عليهم.

[email protected]