حمم عنقودية

TT

عندما قال جاك شيراك ان ابواب الجحيم قد فتحت في العراق وفق الى حد ضئيل في توصيف حجم الأبواب وحجم الجحيم وعمق البركان العراقي. وخاصية البركان العراقي، او براكين الشرق الأوسط في صورة عامة، ان حممه من النوع العنقودي. في كل عنقود ألف نار وألف رسالة وألف مسمار لألف نعش. وقد اصبح واضحا الآن انه لم يبق مسامير إلا ودقت في نعوش الديموقراطية والانتخابات. والذين كانوا ينتظرون تحليلا موضوعيا، او شديد الموضوعية، لما يحدث حقا في العراق، تقدم به الشيخ المجاهد من مقر اذاعته في جبال تورا بورا ووهاد قندهار، حيث المنارة المعاصرة وضوء المستقبل.

لقد جاء الاميركيون يتعلمون، على الطبيعة، في اوائل القرن الحادي والعشرين، مكونات بابل وبقايا آشور. وحملوا معهم آخر الأسلحة المتقدمة في ذريعة البحث عن الأسلحة المدمرة. وتركوا غلاة الوطنية العراقية يقتلون بعضهم في الشوارع بسبب الاحتلال، فيما الاحتلال مدرع وبعيد. وشقوا في النفس العراقية مفارقات ومغالطات وبقايا التاريخ فيما هم يدعون نقل العراق الى المستقبل. وكانت قبضة صدام حسين الدموية تقيم وحدة الزامية في العراق فاذا الفوضى الاكثر دموية تهدد بتبديد اصول الوحدة. وعرض الاميركيون الانتخابات على اساس التوحيد فأصبحت سببا لاكبر فرقة في التاريخ. وكان العراق بلدا معوزا وآمنا فأصبح بلدا معدما وفالتا. ولم تكن تخرج من بغداد كل يوم سوى صورة السيد الرئيس داخلا على «مجلس القيادة» يتصدره طه الجزراوي وعزت الدوري. واصبحت تخرج من بغداد الحرة كل يوم ألف صورة كلها مأخوذة في الجحيم الذي تحدث عنه جاك شيراك.

دخل البريطانيون الى العراق فوحّدوه. ومع ذلك لم يطقهم العراقيون وذهبوا الى الألمان طلبا للخلاص. ودخل الاميركيون الآن فاذا العراق يتمزق. واذا حراس الجحيم يفلتون على الأبناء والأهل والثروات والامان والهدوء وراحة الناس. واذا الأوادم خائفون خلف بيوتهم واللاقانون يتمشى في كل المدن وكل القرى. ومن وستمنستر واعتق تجربة برلمانية في العالم، يقول طوني بلير انه لا بد للانتخابات ان تأخذ مجراها. فاذا بالناخب المجاهد في تورا بورا يقول له الرأي الحقيقي في مسألة الاقتراع وفكرة الديموقراطية. واذا بالعراق ينقسم علنا بعدما كان منقسما في التضمين. واذا الجحيم نوافذ وليس ابوابا فقط. وفي القرن الماضي ارتكب الاميركيون خطأهم الاكبر في الفيتنام، وانتهى ذلك بتوحيدها. والعراق هو خطأهم الاكبر هذا القرن، حتى الآن. ونضرع ان يبقى العراق موحدا بعد انفلات جميع قوى الجحيم.