فوضى

TT

الكوارث الطبيعية سنة من سنن الله في هذا الكون الوسيع أوجدها الله عز وجل للعقاب وللابتلاء والتدبر. وما حدث في جنوب شرق آسيا جراء الزلزال العنيف الذي أصاب تلك المنطقة أخيرا هو بمثابة فرصة مهمة للتأمل والاستغفار والتعرف على آيات الله تبارك وتعالى. وهي أيضا فرصة للتعلم في أمور الفلك والأرض والبحار ومعرفة كيف تسير الأمور.

وكم كان حزينا ما تناولته بعض خطب المساجد في السعودية بعد الزلزال حين قال بعض الخطباء إن ما حدث في آسيا هو نتاج حفلات الكرسماس وتهنئة المسلمين للنصارى بأعيادهم وحذروا من خطورة تفسير هذه الزلازل بطرق علمية وأنها يجب فقط أن ينظر لها من الجانب الديني. ورأي كهذا يفتح باب الفتن، ويفتح باب غضب من البلاد الإسلامية التي توفي فيها العشرات من الآلاف، وكأننا نحاضر فيهم ونعلمهم وسط همومهم ومآسيهم وفي كلمات كهذه حجم هائل من الشماتة.

ووسط تلك الأحداث بدأ السعوديون ينظرون إلى أنفسهم ويطمئنون عن وضع بلادهم من نواحي الكوارث الطبيعية عموما والزلازل تحديدا. وجاء تصريح مساعد رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية للدراسات الجيولوجية بعد سؤاله عن الوضع الإستعدادي في البلاد فقال: «إن وزارة المالية لم تعتمد أي مبالغ لأجهزة الزلازل وتشغيلها وصيانتها فتحايلنا على النظام لتشغيل ثلاثة عشر جهازا من أصل سبعة وعشرين جهازا موجودا ولكن بلا أموال من المالية لتشغيلها».

وتصريح كهذا أقل ما يقال عنه أنه مخيف وعجيب. السعودية بها أكثر منطقة مهددة بهزات أرضية، ورصد الزلازل هو أقل الخطوات الاحترازية المطلوبة. وإذا كانت معاناتنا اليوم موجودة مع هذا الفكر الذي احتل الكثير منابر مساجدنا ولم يعاقب أحد منهم بحسب إفادة وزير الشؤون الإسلامية أخيرا، فهل ابتلينا «بتطرف مالي» يوجه بصرف الأولويات بحسب ما يرى لا بحسب الحاجة والضرورة والأولوية. هناك دروس عديدة وعبر عظيمة من كارثة الزلزال الأخير هذا، والأمل أن ينعكس على شؤون مختلفة في حياتنا قبل أن تخرج الأرض أثقالها.

[email protected]