السعودية التي نريد

TT

نجاح طبي آخر مبهر. الحمد لله والشكر له. نعم يحق لنا كسعوديين الافتخار بالانجاز الطبي الهائل الذي حدث نتاج نجاح عملية فصل التوأم البولندي.

واليوم السعودية بدأت تتمكن طبيا من تحقيق ما يطلق عليه «الارث الطبي المتخصص»، فكما كانت إسبانيا تعرف بعمليات العيون وعلاجها، وألمانيا بعلاج آلام العمود الفقري والعظام والمفاصل، وأميركا الأورام والقلب، وفرنسا علل الكبد، اليوم بات من الممكن القول إن السعودية لديها ميزة تنافسية في مجال جراحات فصل التوائم.

وبالرغم من «الفرحة» والنشوة التي حصلت نتاج الانجاز الطبي نفسه، إلا أن هذه التجربة بها العديد من العبر الجمالية التي يجب التركيز عليها وابرازها لأنها هي الوجه الجميل والمتسامح والعقلاني الذي نريده للسعودية، وجه يحبذ العمل فنرى فريقا كاملا وهو يعد الاعداد السليم وبأسلوب مهني ومحترف، ويدرس الحالة بتمعن ودقة وجه يركز على العمل الجماعي فنرى التركيز الهائل على قيمة العمل الجماعي وتقديم الانجاز على أنه جهد جماعي لفريق عمل بأكمله يعطي لكل منجز حقه بفخر واعتزاز، وجه يظهر فيه السماحة والقبول كوجه الدكتور عبد الله الربيعة قائد الفريق الطبي وهو يبتسم ولا يعبس في وجه من يقابلهم، وهو يحمد الله بعد نجاح العملية فيمسح وجهه ولحيته المهذبة وعيناه مغرورقتان بالدمع وهو يتمتم بحمد الله.

وجه حضاري وهو يتحاور بالتي هي أحسن وبالأدب الاسلامي المحمدي الجم مع أهل الكتاب من ذوي المرضى، فلا يلعنهم ويرفض مصافحتهم، ويضمر كرههم في قلبه كما يروج له البعض. وجه سوي يظهر فيه دور المرأة السعودية في شخص الدكتورة خلود الرفيدي وهي جزء أساسي من فريق العمل والمعنية بشأن التخدير. فكانت تقوم بدورها على أكمل وجه مستفيدة من علمها في شأن هام كالطب، بل وشاركت في الاجابة على أسئلة الاعلاميين بثقة وجدارة كل ذلك وهي ترتدي حجابها الشرعي كما أمر به سيدنا وامأمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاونها في هذا الأمر ثلاث سيدات سعوديات من فريق التمريض وهن منى الهزيع وفاطمة المسعودي وسميرة الغامدي.

وجه سعودي علمي يبين ضرورة التركيز والاهتمام بسائر العلوم التي فيها فائدة وعلم للناس، يدر الخير عليهم أيا كانوا مما يجعل المطالبة بأهمية زيادة أوجه الصرف على البحث العلمي والابحاث والتطوير ضرورة استراتيجية بالغة الاهمية.

العملية الجراحية نجحت طبيا، والانجاز الطبي يجب أن يبرز، ولكن هناك جوانب انسانية سعودية بالغة الاهمية يجب ابرازها لتحل مكان وجوه واصوات ملؤها العبوس والغضب والغلو والتطرف والارهاب والذين احتلوا بالكره عقولنا وقلوبنا وارواحنا وضمائرنا.

هذه العملية الجراحية حملت في مضمونها بعض الومضات الجميلة للسعودية التي نريد. وما شاهدناه في العملية لا بد أن يكون في سائر أوجه حياتنا. و«عملية» الاصلاح التي نحن مقبلون عليها مطلوب أن تشهد هذا النوع والثراء وذلك حتى تنجح العملية ولا يموت المريض!!