الأكلات وأسماؤها

TT

كثيرا ما يتحير المواطن العربي عندما يواجه قوائم الطعام في المطاعم الراقية، دجاج مارنغو، وخوخ ملبا، وحلوى بافلوفا. ماذا يقصدون بكل هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان؟ نتردد في سؤالنا النادل، لئلا يكتشف جهلنا وننفضح أمام «اللي يسوى واللي ما يسواش». إذا سألنا عن المارنغو، كشفنا عن جهلنا للتاريخ. وإذا سألنا عن البافلوفا، كشفنا عن قلة تذوقنا للرقص. أما من لا يعرف الأومليت ارنولد بنت، فهو شخص لا يعرف شيئاً عن الأدب. والجهل بخضر الماريغو، ينم عن جهل مدقع في المسرح. الويل لمن يقع في ذلك وهو أمام خطيبته في مطعم ارستقراطي، ستكتشف حالاً ان جهل خطيبها لا يقل في شيء عن جهلها هي.

اعتاد الغربيون على تسمية الأكلات بأسماء راقية، انهم لا يسمون أكلاتهم بأسماء مثل شيخ محشي، أو أم علي، أو لسان الواوي. دجاج مارنغو سمي باسم معركة مارنغو، التي سجل فيها نابليون نصراً بارعاً. وأومليت ارنولد بنت سمي باسم الأديب ارنولد بنت، ويقوم على طبخ البيض مع السمك المدخن والجبن، وهي خلطة مستوحاة من أسلوب هذا الأديب، نأكلها في المطعم فتغنينا عن قراءة كتبه.

ترتبط معظم هذه التسميات بالمسرح، ولهذا فليس لدينا ما يماثلها لانعدام المسرح في عالمنا. تصوروا لو أن مطعم جريون في القاهرة عمد إلى تقديم الأومليت باسم «بيض يوسف وهبي»، أو تقديم حلوى باسم «عيون فاطمة رشدي»، أو أكلة كوارع باسم «كوارع أم كلثوم»؟!

لكن هذا ما يجري في الغرب، حيث اعتاد رواد المسرح على العشاء بعد المسرحية في مطعم ممتاز، حلوى بافلوفا ترجع لزيارة راقصة الباليه الشهيرة،أنا بافلوفا لأستراليا، حيث اخترعوا هذه الحلوى تكريماً لها. وأصبح من تقاليد استراليا الوطنية، تقديم هذه الحلوى لمن يزورها. وهي حلوى لذيذة استمتعت بها جداً بعد مشاهدة «بحيرة البجع» في الأوبرا الملكية بلندن في المطعم المجاور لها «مطعم بافلوفا».

وخوخ ملبا يقوم على صب دبس الملبا على الخوخ والآيس كريم. قدم لأول مرة عام 1899 تكريماً لمغنية الأوبرا نلي ملبا.

هذا جانب من جوانب الحياة الراقية في أوربا، يحدوني للتفكير باقتراحات مشابهة لإغناء ولعنا بالأكل، وهو الشيء الوحيد الذي نولع به ونتذوّقه.