المدارس الرقمية

TT

لا شيء يثلج صدر الكاتب أكثر من تفاعل الجهات الرسمية بسرعة مع رأي كتبه أو وجهة نظر يبديها في مقال أو كلمة.

وهذا تماما هو الشعور الذي اصابني بعد كتابة مقال «أسماء» بتاريخ 1/1/2005، والذي أثرت فيه حساسية تعاطي السعودية مع أسماء السيدات في مختلف أوجه الحياة ، واستشهدت تحديدا بأمثلة تسمية مدارس البنات بالأرقام بدلا من تسميتها بأسماء صحابيات أو شخصيات ناجحة من تاريخنا الجميل.

ولم تمض ثلاثة أيام على المقال إلا وقامت وزارة التربية والتعليم بمحافظة الطائف مشكورة بتغيير مسمى مدارس البنات بالحرس الوطني من أسماء الصحابيات الى ارقام وذلك «لتوحيد المسميات بمدارس الطائف» على أن تكون على النحو التالي:

ابتدائية جميلة بنت ثابت الى الابتدائية الاولى بالحرس الوطني.

ابتدائية حليمة السعدية الى الابتدائية الثانية بالحرس الوطني.

ابتدائية جميلة بنت الحارث الى الابتدائية الثالثة بالحرس الوطني.

ابتدائية الخنساء الى الابتدائية الرابعة بالحرس الوطني.

متوسطة أم المؤمنين جويرية بنت الحارث الى المتوسطة الاولى بالحرس الوطني.

ثانوية خديجة بنت خويلد الى الثانوية الاولى بالحرس الوطني.

ابتدائية سكينة بنت الحسين لمحو الامية الى الابتدائية الاولى لمحو الامية بالحرس الوطني.

وبعدها تفضل الاستاذ سعيد القرني مدير التربية والتعليم باصدار تعميم لجميع الإدارات والأقسام التابعة لتعليم البنات لتعديل الأسماء بالسجلات والمخاطبات.

واللافت أن تغيير الاسماء (كان بحسب الافادة) هو «لتوحيد المسميات في مدارس الطائف» أوليس الأولى والأعقل هو تسمية باقي المدارس الرقمية بأسماء السيدات الفاضلات من تاريخنا؟

غير معروف كيف تصدر قرارات كهذه وبهذه السرعة النافذة بينما قرارات أخرى تنام وتشل في أقبية الادراج والمكاتب، وتعقد لها اللجان وترفع توصيات وتأتي ملاحظات وتمر السنون بلا نتيجة.

الاستمرار بالسماح لتلك النوعية من القرارات هو «تكسير لمجاديف» التطوير والاصلاح المنادى به وهو بمثابة من يسير خطوة للامام وخطوة للخلف. التصدي لهذه النوعية من القرارات لم يعد مهما فحسب، بل هو ضروري لأنه بدون ذلك ستهتز الثقة في المسيرة الاصلاحية نفسها وهذا أمر يجب ألا يحدث أبدا.

المدارس الرقمية (أي المسماة بالارقام) يجب أن يكون معناها فقط المدارس الحديثة، والتي دخلت العصر الرقمي الإلكتروني، وشتان ما بين الفرق في هذه العقلية وتلك.