البشر هم البشر

TT

لم أتوقع ان ينال فيلم «المصارع» كل هذه الحفاوة التي وصلت الى حد ترشيحه للفوز بأكثر من اثني عشر اوسكاراً.

الفيلم رغم ضخامة الانتاج والابهار التكنولوجي والحرفية العالمية التي تجلت في تصميم المشاهد وحركة الكاميرا وادارة المجاميع، كان محاولة لانعاش سينما الحدوتة الكلاسيكية.. فشخصيات الفيلم كانت إما خيراً محضاً، كما هو الحال مع القائد الروماني وصديقه الزنجي، وإما شراً مطلقاً كما هو الحال مع الامبراطور وحاشيته وأصدقائه وجيرانه وغنمه وإبله وبغاله وحميره.

الفيلم حقق رواجاً كبيراً في دور العرض، وهو مؤشر يدل على حنين البشر الى قيم الفروسية وشوقهم لعنصر الحكاية الذي بدأ يغيب عن فن الدراما بمختلف اشكاله.. وفيلم المصارع يحمل كل مقومات الحكاية الناجحة، فالى جانب الصراع بين الخير والشر، كان هناك مكان للحب والخيانة والتآمر والوفاء والبطولة والرغبة في الانتقام والشعور بالغيرة.. ولم يكن ينقص الفيلم الا صوت المطرب الراحل شفيق جلال وهو يجلجل بمواله الشهير: «خسيس قال للأصيل تعالى اشتغل عندنا خدام».

ان المواويل التي يؤديها المغنون الشعبيون على الربابة في بر مصر والتي تدور احداثها حول عنتر وأبو زيد الهلالي، لا تختلف كثيرا عن فيلم «المصارع».. وهذا يثبت ان البشر يشبهون بعضهم البعض.. فمحمدين الذي يقضي نهاره في الغيط ليزرع ويقلع ثم يذهب ليستمع لبطولات ابو زيد على الربابة، مثله مثل جون او فرانسوا او كارل الذي يقضي نهاره ليكسب لقمة العيش ثم يذهب لدور السينما الأنيقة لمشاهدة حكاية أبو زيد الهلالي ولكن بالملابس الرومانية وبمساعدة احدث ما وصلت اليه التكنولوجيا.

البشر هم البشر في كل مكان، والفن سيبقى في نظر الناس أداة للترفيه قبل كل شيء.