متحف للمكرونة!

TT

يحرص الزائر لأية دولة من دول العالم على زيارة متاحفها التي تحافظ على آثارها، والتي تعكس صورة حية لما كانت عليه الحياة الإنسانية على مرّ العصور في هذه الدولة. ولا تقتصر متاحف الدول على متاحف الآثار فقط، بل هناك متاحف لمختلف أوجه الحياة الفنية والثقافية والسياسية والاجتماعية، ولكل الأنشطة قديماً وحديثاً. وأول ما يحرص عليه الزائر هو زيارة المتاحف التي تحتوي على أندر اللوحات التشكيلية والأعمال النحتية والخزفية وغير ذلك من المتاحف التي تحتوي على الكتب النادرة أو الآلات الموسيقية القديمة أو الخطابات الخاصة بالكتاب والفنانين المشهورين ومسوداتهم الفنية.

أما أغرب متحف يمكن للزائر في إيطاليا أن يراه، فهو المتحف الموجود في مدينة بونتي دوسو في مقاطعة بجوريا، والخاص بالمكرونة الإيطالية الشهيرة «الاسباجيتي»، يتضمن المتحف مختلف المواد الداخلة في صناعة الاسباجيتي والماكينات التي استخدمت في صناعتها منذ القرن الثامن عشر حتى اليوم، كما يضم المتحف أيضاً الكتب والوثائق والصور الفوتوغرافية التي تجسد تطور صناعة الاسباجيتي على مدار السنوات الطويلة.

الطريف أن هذا المتحف الغريب والنادر الموجود في مدينة بونتي دوسو، يتيح لكل شخص يريد شراء ما يحتاج من الاسباجيتي أن يلقي نظرة على مختلف أشكال وألوان المكرونة الاسباجيتي وعلى تطور صناعتها والخامات الداخلة فيها، والأدوات المستخدمة على مدى أكثر من مائتي سنة. والطريف أيضاً، أن المتحف يتيح لأي شخص أن يشتري حاجته من الاسباجيتي، بحيث تتم صناعتها أمامه بالطريقة التي كانت تصنع بها في عام 1950 مثلا أو في عام 1900، أو حتى في عام 1850 .

لكن على من يطلب شراء كيلو المكرونة الاسباجيتي والمصنّعة بالطريقة التي كانت تصنّع بها منذ خمسين عاماً على سبيل المثال، أن يعرف أن سعر الكيلو من الإنتاج القديم يزيد كثيراً على سعر الكيلو من صناعة اليوم. وأن على الشخص الذي يريد شراء كيلو من المكرونة الاسباجيتي بالطريقة الأولى التي صنعت بها في عام 1800، أن يحرص على احضار بطاقة الائتمان الخاصة به لكي يستخدمها في الشراء، لأن كل النقود التي في حوزته ربما تقل كثيراً عن الثمن المرتفع جداً لشراء مكرونة اسباجيتي كان يأكلها الشعب الإيطالي في عام 1800 .

إذن على الزائر المتوسط الحال، أن يرتضي بإلقاء نظرة على المتحف وبشراء طبق مكرونة اسباجيتي من صنع اليوم، وبالامتناع تماماً عن محاولة تذوق الاسباجيتي العتيق، الذي تعود طريقة صناعته إلى عقود طويلة مضت.