الإرهاب والديموقراطية.. الكويت مثالا

TT

على اثر كل عملية ارهابية يطرح السؤال التالي، في الحوارات الخاصة او العامة: هل غياب الديموقراطية سبب تفشي الارهاب؟ اجابتي كانت ولا تزال النفي. فمن يحملون السلاح يجاهرون بعدائهم للديموقراطية، وهذا امر اثبته الباحثون، فكيف يصبحون مقاتليها اليوم؟ ابسط مثال نراه اليوم امامنا، ما حدث في ام الهيمان بالكويت من مواجهات امنية مع الارهابيين، وقبلها بايام مقتل رجال أمن في حولي. فالكويت، شئنا ام ابينا، بها تفتحت زهرة الديموقراطية خليجيا، فحديث الكويتيين عن الديموقراطية في الستينات، هو حديث جيرانهم عنها اليوم. وفي الكويت احد أجمل الملاعب السياسية، حيث اللعب الرجولي، بلغة أهل كرة القدم، وحيث نرى «الاكتاف القانونية»، و«الفاولات» الاحترافية، ويكفي ان ملعبها من الاثارة بحيث يستمتع المتابع بتطبيق مبدأ اتاحة الفرصة، عند اعاقة الخصم من الخلف..!

وفي الكويت نرى كتبا تمنع، وما ان تغني نانسي عجرم، او اليسا الا ويتورط وزير. ونرى النقد يطال الكبير والصغير، والحديث عن المال العام، ومعاركه في مجلس الامة واضحة، لكن كل ذلك لم يحل دون وجود المتطرفين على ارضها.

وهنا وكأني بأحدهم يقول: وماذا عن وجود القوات الاميركية في الكويت؟ والإجابة ببساطة ان هذا سؤال ظاهره الخبث، وباطنه الجهل. فالكويت ابتلعت في ساعات من قبل نظام صدام البائد، رغم اواصر الاخوة وما الى ذلك، وكان لزاما الاستعانة بقوات أجنبية. لكن ها هي اكبر قاعدة عسكرية أميركية في قطر، ولم نر إرهابا هناك.

وما دام الحديث عن الديموقراطية والإرهاب، فلم نسمع عن الإرهاب فترة حكم نظام صدام حسين، المتسم بالديكتاتورية، والعلمانية الواضحة. ولأن لدى البعض ذاكرة ضعيفة، فنذكر أن الإرهاب ليس وليد اليوم، فيكفي الاستدلال بما حدث ويحدث في الجزائر، وكذلك ما واجهته مصر فترة التسعينات من ارهاب بغيض، وايضا لم نر اثرا للارهاب في ليبيا.

ولذا فقناعتي ان الارهاب ليس بسبب غياب الديموقراطية، وانما بسبب التيارات التي استمرأت استخدام الاسلام السياسي. ففي الكويت، ورغم الديموقراطية، استطاع الاسلام السياسي ايجاد انتحاريين كويتيين في العراق، وهنا يستغرب المرء كيف استطاع هؤلاء دفع الشباب للقتال في العراق، فلو تدهورت الاوضاع في العراق، واندلعت حرب اهلية، لا قدر الله، فأول الضحايا سيكونون الكويتيين، وفي ساعات؟

بالطبع لا أقول «لا» للديموقراطية، فهي ضرورة لا مناص منها، ولكن لا بد من لفت النظر الى ضرورة مواجهة تيارات الاسلام السياسي، فقد استباحت ما استباحت، وخلفت من الاضرار ما لا يجب السكوت عنه. وهناك فرق كبير بين من يذكر الناس بأمور دينهم، وبين من يستغله لتجييش الشباب ضد مجتمعاتهم.

[email protected]