عيد

TT

المناسبات المحورية والمهمة عادة ما تكون فرصة لإبراز رسالة أو توضيح صورة أو نقل فكرة. وفي العالم الإسلامي تلعب خطبة الجمعة دورا جوهريا ومهما في حياة المسلمين ومجتمعاتهم، وذلك من خلال إبراز المشاكل وتقديم النصح والحلول لها.

ولعل أهم الخطب التي ينتظرها العالم الإسلامي هي خطبة يوم عرفة في الحج، فهي مناسبة يحضرها أكثر من مليوني حاج، ويشاهدها على الهواء عبر التلفزيون ملايين آخرون في مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية حول العالم.

ولقد اكتسبت خطبة يوم عرفة أهمية أكثر من خاصة، كونها الخطبة الوحيدة الموجودة من أثر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسميت خطبة الوداع، وكان فيها بيان عظيم في التعامل الايجابي الإسلامي وتبيان فقه المعاملات وحقوق المرأة وواجبات المجتمع تجاهها، وكان لها قيم ومعان عظيمة تعكس الهدي المحمدي وخلقه العظيم صلى الله عليه وسلم.

ولذلك، ومع هذه الخلفية، هناك من ينتظر ويترقب خطبة الحج المقبلة من السعودية وكيف ستلقى؟ وما هي المعاني التي ستحملها؟ وأي رسالة سترسل؟

إن السعودية أمام فرصة مهمة لإرسال رسالة للعالم بأسره من أهم موقع وأهم تجمع إنساني يأتي إليه الناس من كل فج عميق.

رسالة تسامح وسلام تنبذ الغلو والتطرف فعلا وقولا. رسالة ليس فيها صريخ ولا عويل ولا وعيد ولا تهديد، ولا لعن ولا قذف ولا دعاء بالابادة، ولا غضب ولا عبوس ولا كره، لأن الرسالة المحمدية هكذا أتت، وهكذا جاءت بدون ذلك كله.

إن خطبة عرفة يجب أن تكون صفحة جديدة للخطاب الديني السعودي. صفحة لا مكان فيها للتفرقة والتكفير. صفحة لا مكان فيها للغلو والتدمير. صفحة لا مكان فيها للاتهام والنعت. صفحة لا مكان فيها للتحقير والازدراء. ولتكن الخطبة كلمة التقاء وبناء جسور، ومد أياد وإحسان ظن، خطبة تعكس المعاني الحقيقية للخلق المحمدي بدلا من إضافات وشطحات مليئة بالتنطع وإساءة الظن. العالم بأسره، والعالم الإسلامي يتوقع وينتظر هذا الخطاب التنويري الجديد من أرض الحرمين ومهبط الوحي ولن يقبل بغير ذلك.

ديننا الحنيف وبلادنا تستحق خطابا جديدا مهذبا مطورا راقيا، يسمو بمعاني الإسلام وبعالميته إلى واقع فعلي بدلا من الاستمرار في نهج التقوقع والانعزال حتى حدث ما حدث.

الحج وخطبته مناسبة حضارية لطرح أفكار وحكم ومواعظ ومعان وقيم، ولكن لتصبح فرحة العيد عيدين ستكون مفاجأة هائلة لو أتت خطبة الحج بأسلوب جديد ومغاير ينقلنا من مرحلة لأخرى طال انتظارها. نسأل الله أن يحفظ البلاد ويهدي العباد ويحقق المراد وكل عام والجميع بألف خير.