إندونيسيا في الخوف

TT

تمرّ تجربة الرئيس الإندونيسي عبد الرحمن واحد بأسوأ محنة سياسية منذ تلك الحرب الاهلية التي ادت الى مجيء احمد سوهارتو الى الحكم قبل ثلاثين عاماً. وهناك اقليمان على الاقل يهددان بالانفصال عن السلطة المركزية في جاكرتا، هما ارمين جايا الغني بالنفط وكاليمنتان حيث يقطع السكان الاصليون رؤوس الاندونيسيين الآخرين ويرمونها في الشوارع، او يبقر البعض قلوب القتلى ويأكلها لكي «تعطيه القوة».

وتقوم في المقابل مظاهرات واسعة دعماً للرئيس واحد الذي يتهم البرلمان بالسعي الى خلعه، بعدما وجهت اليه لجنة برلمانية الشهر الماضي اللوم في فضيحتين ماليتين. وتبدو التجربة الديمقراطية التي بدأها الرئيس السابق بحر الدين يوسف حبيبي مهددة بالاهتزاز، فالاتهامات بالفساد والنزاعات العرقية والطائفية والخوف من الانفصال في اكثر من اقليم قد يفترض العودة الى قبضة مشددة كما كان الحال ايام الجنرال سوهارتو.

ولكي يعرف المرء حقيقة ما يدور في ذلك الجزء من آسيا لا بدَّ أن يسمع ما يقوله عجوز سنغافورة العتيق لي كوان يو، الذي بنى بلداً مذهلاً واستطاع عزله عن «امراض» جيرانه. وكان كوان يو على صداقة وثيقة جداً مع سوهارتو، وبالتالي فهو على معرفة دقيقة بالوضع الداخلي الاندونيسي. يقول الزعيم السنغافوري: «تمر اندونيسيا بمرحلة انتقالية شديدة الصعوبة، من حكم الرجل الواحد الى نظام لم يتضح شكله بعد، فالصحافة حرة واي شيء تقوله ينشر فوراً. ونتيجة ذلك ان سمعة ضباط الجيش قد شوهت وكذلك سمعة الزعماء السابقين. والآن يتعرض جميع الزعماء في الحكومة والبرلمان للهجمات، وفي الوقت نفسه، يتبادل البرلمان والحكومة الانتقادات بشدة. انه بلد واسع ومعقد. وهناك مظاهرات تقوم كل يوم. ووسط ذلك كله من المفترض ان يقيموا حكماً ديمقراطياً. كيف؟».

يعتقد كوان يو ان الوضع لا يستطيع الاستمرار على هذا الشكل. ولا تبدو نائبة الرئيس السيدة ميغاواتي سوكارنو مستعدة او مستعجلة لأن تتولى هي الامور بطريقة غير دستورية، علماً انها تتزعم اكبر كتلة برلمانية في المجلس، لكن هل ستكون ميغاواتي رئيسة جيدة؟ يقول: «من غير اللائق ان اعطي جواباً في هذا الشأن، لكنني اعرف ان الرئيس كلينتون لم يكن مرتاحاً الى قرب ميغاواتي من الجيش. وقد طلبت الادارة الاميركية عودة الجيش الى الثكنات تحت رقابة مدنية. انك لا تستطيع ان تحكم ذلك البلد من دون الجيش».

يرى كوان يو ان الحل الوحيد هو في التقاء القوى الرئيسية الثلاث في البلاد، اي الاحزاب التي ترأسها ميغاواتي وواحد واكبر تانيوغ غولكار. غير ان الرئيس الاندونيسي يبدو مزمعاً على ان يسير في الطريق منفرداً. وقد رد على اتهامات الفساد بالقول ان «عدداً من البرلمانيين يسيسون الاشياء من اجل تقويض الحكومة وقد يؤدي ذلك الى تفكيك الامة». ووزع بياناً بهذا النص على الصحافة قبل مغادرته في جولة الى الخارج، فيما الاوضاع غير مستقرة في أكبر بلد اسلامي ورابع دولة في العالم من حيث تعداد السكان.