لم يتغير شيء

TT

في الذكرى العاشرة لتحرير الكويت، تابعت بشكل مكثف الإعلام العراقي، عبر الفضائية العراقية، ونشرة صحافية متخصصة بالصحف العراقية.

من يسمع الإعلام العراقي سيعتقد أننا نعيش عام 1991، وأنه لم يحدث شيء كبير في المنطقة، وسيكتشف مع مزيد الأسف أن الزمن في بغداد توقف عند مصطلحات معلبة مثلجة انتهت صلاحيتها، وعند شعارات أكل الدهر عليها وشرب ونام.

ما زال الإعلام العراقي يهاجم الكويت والسعودية بلغة هي أقرب إلى الردح والشتيمة منها إلى لغة السياسة الدولية المتحضرة، والإعلام العراقي يعيد المنطقة إلى الصفر حين يكرر عدم اعترافه بالكويت دولة مستقلة، وعندما يكرر بأن ما حدث للكويت هو أقل مما كان يفترض أن يحدث.

الإعلام العراقي يحتفل بالذكرى العاشرة لهزيمته الكبيرة في «أم المعارك»، وهو ما زال يكرر عبارات الانتصار، ويستعرض قواته المسلحة التي حطمها في مغامرتيه الإيرانية والكويتية، بل ويخاطب السذج بقوله إن الجيش العراقي سيحرر فلسطين.

الدنيا تغيرت، والعالم العربي من أقصاه إلى أقصاه يأمل في لغة جديدة، وممارسة جديدة، وإقامة شبكة من المصالح المشتركة، والتوقف عن لغة التهديد، وتوفير بعض الشعارات الكبرى لصالح شعارات قابلة للتحقيق، ويأمل الناس في القمة الدورية التي ستعقد أول اجتماعاتها في الأردن كبداية لعلاقات عربية ـ عربية جديدة.

وحده النظام العراقي يحلق خارج السرب، ويسيء ترتيب الأولويات، ويحول الأنظار من الانتفاضة الفلسطينية الباسلة، ومن دعوات التضامن العربي إلى الصراعات الدنكشوتية التي جربناها لخمسين سنة وأثبتت أنها أحد أسباب تأخرنا وتخلفنا وهزائمنا.

بعد عشر سنوات من كارثة الغزو العراقي التي أعادت المنطقة برمتها والعراق تحديداً إلى الوراء لسنوات طويلة، ما زال الفيلم العراقي الطويل يشبه ليل العراقيين الطويل، بنفس اللغة ونفس الاصطلاحات ونفس الشعارات والبالونات الفارغة.